قوله: نقلًا عن الشيخ-: ومن أراد الغسل نوى الغسل من الجنابة، أي: إن كان جنبًا، أو الحيض، أي: إن كان حائضًا، لأنه الذي عليه.
ثم قال: ولو حملنا ((أو)) في كلام المصنف على التخيير كان له وجه، لأنه حكى وجه فيما إذا كان عليه حدث الحيض فنوى رفع حدث الجنابة، أو بالعكس- أنه يجزئه، كما لو نوى المتيمم استباحة الصلاة من الجنابة، وكان حدثه حدثًا أصغر، فإنه يجزئه، والصحيح: أنه لا يجزئ، لأنه نوى غير ما هو عليه، والحدث الأكبر والأصغر بالنسبة إلى المتيمم على حد واحد، لأنه لا يختلف الواجب فيه بسببهما، وعليه يتعين حمل كلام الشيخ على ما ذكرنا. انتهى كلامه.
وهذا الفرق الذي ذكره سهو، فإن الواجب في الغسل من الجنابة والحيض- أيضًا- لا يختلف، وكأن المصنف- رحمه الله- ظن أن الكلام في أصل المسألة إنما هو في الحدث الأكبر والأصغر- أيضًا- وحينئذ فيكون الواجب فيهما من الغسل مختلفًا. ثم إن تصحيحه عدم الإجزاء محله في حالة العلم، فأما إذا ظن أن الذي نواه هو الذي عليه، ثم تبين خلافه- فيجزئه، كما في نظيره من الحدث الأصغر. وأيضًا: فتصريحه بالتخيير صريح في أن ذلك مع التعمد من المغتسل، وإذا تقرر أن الكلام في الغسل هنا مع العلم فيكون الحكم في الغسل كالحكم في التيمم سواء، وقد صرح به في ((الروضة)) في باب التيمم من ((زوائده)) فقال: ولو تيمم بنية الاستباحة ظانًا أن حدث أصغر، فبان أكبر، أو عكسه- صح قطعًا، لأن موجبهما واحد، ولو تعمد لم يصح في الأصح، ذكره المتولي.
هذا كلام ((الروضة))، ولاشك أن المصنف لم يطلع على هذا الخلاف بالكلية، فضلًا عن أن يكون الصحيح البطلان.
قوله: ولو نوى- أي الجنب- باغتساله رفع الحدث الأصغر، فإن تعمد لم يصح غسله في أصح الوجهين، وإن غلط فظن أن الأصغر حدثه لم يرتفع الحدث عن غير أعضاء الوضوء، وفي ارتفاعه عن المغسول من أعضاء الوضوء وجهان، أصحهما: