قوله: في البحث مع الرافعي في أن المني لا ينقض الوضوء-: أما الأول، فلأن الماوردي ادعى الاتفاق على وجوب الوضوء بخروج دم الحيض، وهو موجب لنقض الطهارة. انتهى.
وما نقله من الاتفاق وأقره مردود، فقد رأيت في ((اللطيف)) لأبي الحسن بن خيران البغدادي: أن الحيض والنفاس لا يوجبان الوضوء.
ثم قال: والصحيح- كما ستعرفه- أن الموجب لغسل الحيض طروءه وإن كانت صحته تتوقف على انقطاعه، كما أن الوضوء يجب بخروج البول وتتوقف صحته على انقطاعه. انتهى.
وما ذكره من كونه الصحيح، ومن كونه سيأتي- فإن المسألة قد ذكرها في ((باب ما يوجب الغسل))، وحكى فيها خلافًا متعارضًا، بل نقل هناك عن الإمام: أن الأكثرين على وجوبه بالانقطاع.
ثم قال: وتصوير الأصحاب الجنابة المجردة عن الحدث بذلك لا يدفع كون المني ناقضًا للوضوء، لأن مرادهم تصوير جنابة لا يجب معها فعل الوضوء، بل يكون الغسل فيها كافيًا بلا خلاف، ونحن كذلك نقول في هذه الصورة، لا لأنه لم يوجد نقض الطهارة الصغرى، بل لأنه قد وجد في حال واحد في آن واحد، فاكتفينا بأعمهما، بخلاف ما إذا تقدم أحدهما على الآخر، فإنا نوجبهما على رأي. انتهى.
وهذا الحمل الذي ذكره منافٍ لكلام الرافعي وغيره من الأصحاب في باب الغسل، فراجعه.
ثم قال- ردًا على الرافعي أيضًا-: ولا يتصور مقارنة الحدث الأصغر للأكبر، إلا إذا جعلنا المني لهما، فإن كان لا يوجب الوضوء تعذر تصوير اجتماع موجب الوضوء والغسل في حال واحد. انتهى.