قوله: إذا أحدث في صلاته بطلت صلاته، لقوله- عليه الصلاة والسلام-: ((إذا فسا أحدكم في صلاته فلينصرف فليتوضأ، وليعد صلاته)) رواه أبو داود، وقال الترمذي: إنه حسن. ولا فرق في ذلك بين أن يفعله قصدًا أو سهوًا. ومن هنا يظهر لك أن ما يقع في بعض النسخ من تقييد البطلان بالحدث عامدًا لا صحة له.
ثم قال: وإن سبقه الحدث ففيه قولان ... إلى آخره.
وما ذكره من فساد التعبير بالعمد عجيب فاسد، فإن المعتمد للحدث قد يكون عالمًا بكونه في الصلاة، وقد يكون ساهيًا، وفي كلا الحالين تبطل صلاته بلا خلاف، وإنما القولان إذا سبقه الحدث، وكأنه يوهم أن تعمد الحدث مقابله وقسيمه سهو الصلاة، وليس كذلك.
وقوله في الحديث:((فسا)) هو بفتح الفاء وبعدها سين مهملة ثم ألف، أي: أخرج الريح، تقول منه: فسا فسوًا، والاسم: الفساء، بالمد.
قوله: ويجب على المصلي إجابة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تبطل بها الصلاة، وقيل: إنها لا تجب وتبطل الصلاة بها.
ثم قال: وألحق به أبو إسحاق إنذار الأعمى والصغير ونحوهما من الوقوع فيما يهلكه إذا لم يمكن الإنذار بغير الكلام، وهو الأصح في ((الحاوي)) واختيار جماعة، وقيل: إن ذلك لا يجب عليه، ولو فعله بطلت صلاته، كذا قاله في ((المهذب))، وغيره جزم بالوجوب وقال بالبطلان عند الإنذار، وفرق بين ذلك وبين إجابة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه قد لا يقع فيما يخاف عليه الهلاك، وجزم به البندينجي، وقال الرافعي: إنه الأصح عند الأكثرين. انتهى كلامه.
وما نقله من حكاية خلاف في الوجوب غلط، وعزوه ذلك إلى ((المهذب)) غلط- أيضًا- فإن حاصل ما فيه إنما هو الجزم بالوجوب وحكاية الخلاف في البطلان، وقد صرح النووي في ((شرحه)) بذلك فقال: وجب الكلام بلا خلاف، وهل تبطل صلاته؟ فيه الوجهان. هذه عبارته.