وما ادعاه من عدم الخلاف ليس كذلك، فقد قال الخوارزمي في ((الكافي)) ما نصه: ووقتها من الموت إلى ثلاثة أيام.
وقيل: من الدفن إلى ثلاثة أيام. انتهى. وحاصله حكاية وجه: أن أولها من الدفن، وهو الذي نفاه المصنف، وقد حكى الخوارزي وجهًا آخر لم يذكره المصنف، وهو: أنها تفوت بتمام يوم الدفن.
قوله: ويقول في تعزية المسلم بالمسلم: ((أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وغفر لميتك!))، قال ابن يونس ومن تبعه: وزاد بعضهم ((وخلفه عليك))، أي: كان الله خليفة عليك. ولم أره في تعزية المسلم بالمسلم، بل في غيره كما سنذكره. انتهى كلامه.
وهذا الذي أنكره على ابن يونس، وقال: إنه لم يره إلا في غير هذا القسم- عجيب، فقد صرح به الروياني في ((البحر))، واقتضى كلامه نقله عن الشافعي، وذكر- أيضًا- في ((الحلية)) نحوه، فإنه لم يذكر فيها إلا تعزية المسلم بالمسلم خاصة، مشيًا على الغالب، فقال ما نصه: ولفظ التعزية كذا وكذا، وذكر الدعوات الأربع مع أنها لا تكون إلا للمسلم بالمسلم، لأن الكافر لا يدعى له بالمغفرة ولا بإعظام الأجر.
قوله: ويجوز البكاء على الميت.
ثم قال: و ((البكا)) يمد ويقصر، ويقال: بكيت الرجل، وبكيته، وبكيت عليه. انتهى. فأما دعواه المد والقصر فصحيح، ولكن بمعنيين، وقد أوضح الجوهري، فقال: إنه يمد ويقصر، إذا مددت أردت الصوت، وإذا قصرت أردت الدموع وخروجها، قال حسان بن ثابت:
بكت عيني وحق لها بكاها ... وما يغني البكاء ولا العويل
هذا كلام الجوهري، فاقتصر المصنف أو من نقله المصنف عنه على صدر الكلام، فوقع في الخلل.