قوله: والأصل في ذلك وغيره من مواقيت الخمس: ما روى ابن عباس- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أمني جبريل عند باب البيت مرتين: فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك، وصلى بي العصر حين كان ظله مثله، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء حين غاب الشفق، وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم. فلما كان الغد: صلى بي الظهر حين كان ظله مثليه، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء إلى ثلث الليل، وصلى بي الفجر فأسفر، ثم التفت إلى فقال: يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت ما بين هذين)) رواه أبو داود، وأخرجه الترمذي وقال: حديث حسن. انتهى.
واعلم أن الواقع في رواية أبي داود والترمذي إنما هو:((عند البيت)) أعني بإسقاط لفظ ((الباب)) على خلاف ما ذكره.
والشراك- بشين معجمة مكسورة وراء مهملة-: أحد سيور النعل التي من فوقه.
قوله: نقلًا عن القاضي الحسين-: فإن قيل: يجوز الجمع بين المغرب والعشاء تقديمًا، ومن شرط صحة الجمع: أن يقع أداء الصلاتين في وقت إحداهما، وذلك يدل على أن أول قوت المغرب يمتد أكثر مما وصفتم- قلنا: لا نسلم أن من شرط صحة الجمع ما ذكرتم، بل من شرط صحته أن تؤدى إحدى الصلاتين في وقتها، ثم توجد الأخرى عقيبها. قلت: وأيضًا: فالصلاتان في الجمع كالصلاة الواحدة، وقد تقدم أن المغرب تجوز استدامتها، فكذا ما جعل في معناها. انتهى موضع الحاجة من كلامه ملخصًا.
والجواب الذي نقله عن القاضي وارتضاه جواب باطل، وممن نبه عليه النووي في ((شرح المهذب))، فإنه نظير من جمع بين الظهر والعصر في آخر وقت العصر بحيث وقعت الظهر قبل غروب الشمس، والعصر بعد الغروب، وهو لا يجوز.
وأما الجواب الذي ذكره هو من عند نفسه فمردود، لأن المد في سائر الصلوات