قوله: نعم: يختلف حكم البعير إذا ند وإذا وقع في بئر: أنه لو أرسل للناد كلبًا فقتله حل، ولو أرسل عليه وهو في البئر كلبًا- ففي حله وجهان، أصحهما في ((البحر)): المنع، ومقابله: ينسب إلى البصريين، وصححه النووي في ((الروضة))، وكذا الشاشي. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما نقله عن النووي والشاشي من أنهما صححا الحل فغلط، بل المذكور في كلامهما إنما هو تصحيح التحريم- كما صححه في ((البحر))، وقد صرح بذلك في ((الروضة)) فقال: قلت: الأصح تحريمه، وصححه أيضًا الشاشي- والله أعلم. هذا لفظه، وذكر مثله- أيضًا- ((في المنهاج))، وكذلك في ((شرح المهذب)) فقال: إنه الأصح. وصححه صاحب ((البحر)) و ((المستظهري)).
الأمر الثاني: أن الشاشي لم يصحح في هذه المسألة شيئًا بالكلية، بل نقل التصحيح عن الماوردي فقال في ((الحلية)) - وهو المسمى بـ ((المستظهري))، لأنه صنفه للخليفة المستظهر بالله-: فإن أرسل عليه كلب صيد حتى عقره لم يحل في أصح الوجهين، ذكر ذلك في ((الحاوي)). هذا لفظه، ثم راجعت- أيضًا- كتابيه، وهما ((الترغيب)) و ((العمدة))، فلم أر المسألة فهيما بالكلية، على أنه- ولا النووي- لم يظفر بهذين الكتابين، إنما وقفا على ((الحلية)) فنقل النووي عنها أول كلام وذهل عن آخره، فوقع في الوهم، ثم إن المصنف قلد النووي في نسبة التصحيح إلى الشاشي، فلما حاول إثباته على ما وقع في كلام النووي انعكس عليه، وبهذا وأمثاله يعلم الآفات الحاصلة من تقليد المتأخرين في النقل.