قوله: ومن فاته الوقوف بعرفة فقد الحج، ويجب عليه القضاء والهدي.
ثم قال: واعلم أن الوزير ابن هبيرة قال- في كتابه الذي ذكر فيه ما اجتمع عليه الأئمة الأربعة وما اختلفوا فيه-: إن محل إيجاب القضاء عليه، والهدي- إذا لم يشترط التحلل عند الإحرام إذا عرض له الحصر، فإن شرط ذلك استفاد به عند الحصر التحلل، وإسقاط الهدي، والقضاء. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أن تعبيره بالإحصار في هذين الموضعين سهو، فإن الإحصار لا يجب فيه القضاء، وليس الكلام- أيضًا- فيه، بل كلامه في الفوات.
الأمر الثاني: أن استغرابه لذلك وحكايته له على جهة الاتفاق غربيان، فإن المسألة مشهورة في كتب الرافعي وغيره من كتب المذهب، وعبروا عن ذلك باشتراط التحلل لضلال الطريق والخطأ في العدد، ومختلف فيها- أيضًا- اختلافًا كثيرًا وإن كان الأصح صحة الشرط، وممن ذكر ذلك كله المصنف في أواخر الباب في الكلام على اشتراط التحلل بعذر المرض.
الثالث: أن الوزير المذكور حنبلي المذهب لا شافعي على خلاف ما يوهمه كلام المصنف هنا، واستغربه في غير هذا الموضع، فاعلمه.
قوله: قال- يعني الشيخ-: ومن تحلل بالإحصار لم يلزمه القضاء، لأنه لو وجب لبينه الله- تعالى.
ثم قال: وأيضًا فقد كان من أحصر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألفًا وأربعمائة رجل، قال الشافعي: ولم يعتمر في القابل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا نفر معروفون بأنسابهم وأسمائهم. قال الماوردي: وأكثر ما قيل: إنهم سبعمائة، ولم ينقل أنه أمر من تخلف بالقضاء. انتهى كلامه.
وما ذكره من كون الجميع لم يقضوا قد جزم بما يخالفه في باب قتال المشركين، وسأذكر عبارته هناك- إن شاء الله تعالى- فراجعها.