قوله: الجماعة سنة في الصلوات الخمس، لما روى أبو هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعًا وعشرين درجة)) أخرجه مسلم. وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:((صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)) أخرجه البخاري ومسلم. ووجه الدلالة منهما على السنة: أن لفظ ((أفضل)) موضوعه فيما لأحدهما مزية فيما يشاركه فيه.
ثم قال: وقيل: إن الجماعة فرض على الكفاية. وقد نص الشافعي عليه في كتاب الإمامة، والقائلون به يحملون الأدلة السالفة على ما إذا كان ثم عذر من مرض ونحوه، أو على صلاة النافلة. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما توهمه من أن صيغة ((أفضل)) المقتضية للمشاركة هاهنا في الفضلية، لكونها ((أفعل)) تفضيل المستلزمة لعدم الوجوب، قد وقعت هنا في الحديثين- سهو، فإنها لم توجد في الحديث الأول، بل الموجود فيه لفظ ((تزيد)) وإن كان المعنى واحدًا، ثم إن هذا التقرير تكلف لا حاجة إليه، فإن الحديث قد صرح بالاشتراك والزيادة.
الأمر الثاني: أن ما ذكره في آخر كلامه من حمل التفضيل عمن حصل له عذر من مرض أو نحوه، قد ذكر بعد ذلك في آخر الكلام على الأعذار ما يخالفه، وأن المعذور المنفرد لا ينقص أجره، فقال: واعلم أن هذه الأعذار كما تنفي الحرج عن التارك تحصل له فضيلة الجماعة وإن صلى منفردًا، إذا كان قصده الجماعة لولا العذر، للأخبار الواردة في ذلك، قاله الروياني في ((تلخيصه))، ويشهد له ما رواه أبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من توضأ، فأحسن وضوءه، ثم راح فوجد الناس قد صلوا- أعطاه الله عز وجل مثل أجر من صلاها وحضرها، لا ينقص ذلك من أجرهم شيئًا)) ز أخرجه النسائي هذا كلامه.
وما نقله ثانيًا من حصول الثواب نقله- أيضًا- في ((البحر)) عن القفال، وارتضاه