قوله: وإن أودع صبي ما لا ضمنه المودع عنده: ولا يبرأ إلا بالتسليم إلى الناظر في أمره.
ثم قال: لكن لو أتلف الصبي المذكور ما أودعه من غير تسليط، فالذي يظهر: براءته، فإن فعل الصبي لا سبيل إلى إحباط فعله، ويستحيل تضمينه مال نفسه، فتعينت البراءة. انتهى كلامه.
وهذا الذي ذكره بحثًا واقتضى كلامه عدم الوقوف عليه، قد صرح به الرافعي في أوائل كتاب الجنايات، قبل الفصل الثاني المعقود للمماثلة، ذكره في أثناء تعليلٍ.
قوله: وإذا مرض المودع عنده وجب عليه أن يوصي إلى أمين بأن يردها، وإلا يكن ضامنًا.
ثم قال: وإذا مات ولم يوص، فادعى المالك أنه قصر في ترك الإيصاء، وقالت الورثة: لعل الوديعة تلفت قبل أن يوصف بالتقصير- فالظاهر كما قاله الإمام: براءة الذمة. انتهى.
وما نقله عن الإمام في هذا التصوير غلط وقع للرافعي، فتبعه عليه النووي في ((الروضة))، ثم المصنف، فإن الإمام تكلم فيما إذا ثبت الإيداع بطريقة، فذكر فيه صورتين: الأولى: أن يدعي الورثة التلف وتقول: لعله إنما لم يوصِ بها لأجل أنها تلفت على حكم الأمانة، ففيه تردد، وعدم الضمان أولى. ثم ذكر الثانية فقال ما نصه: وإن قالوا: عرفنا الإيداع ولكن لم ندر كيف كان الأمر، ونحن نجوز أن تكون الوديعة قد تلفت على حكم الأمانة، فلم يوص لأجل ذلك: فإن ضمناهم في المسألة السابقة- وهي الجزم بدعوى التلف- فهاهنا أولى، وإن لم نضمنهم هناك فهاهنا وجهان: أحدهما: يجب، لأنهم لم يدعوا مسقطا، وهذا هو الأصح، والثاني: لا، لأن الأصل في الوديعة هو: الأمانة. انتهى كلامه. وحاصله: أن الصحيح في الصورة المذكورة في الكتاب على خلاف ما وقع فيه، وأن نسبة ذلك إلى الإمام غلط سببه اشتباه مسألة بمسألة على الرافعي فمن جاء بعده.