قوله: وإن حلف لا يشرب السويق فاستفه لم يحنث، فلو كان خاثرًا بحيث يتناول بالمعلقة فحساه.
قال الرافعي: فيه خلاف، والأشبه أنه لا يحنث، وهو ما قطع به الشيخ أبو نصر، وهذا الخلاف أبداه الإمام احتمالًا.
ولو حلف لا يأكله فاستفه أو بله وتناوله بأصبعه أو ملعقة- حنث. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما قاله من أن الخلاف الذي ذكره الرافعي قد أبداه الإمام احتمالًا غلط عجيب، فإن الإمام جازم في مسألة الرافعي بالحنث، وأنه يسمى شربًا، وإنما تردد في تسميته أكلًا- أيضًا- فإنه قال في الباب الثاني من جامع الأيمان بعد ورقة من أوله ما نصه: والذي يتردد الرأي فيه أن يكون خاثرًا، يتأتى تعاطيه بالملاعق، ويتأتى تحسيه على صورته، فكيف الوجه هذا محتمل؟ عندي يجوز أن يقال: تحسيه شرب في حم البر والحنث، ويجوز أن يقال: يتناوله اسم الأكل والشرب جميعًا، والعلم عند الله تعالى. هذه عبارته.
وقد ذكر الغزالي في البسيط مثله- أيضًا- ولكنه في الوسيط حكاه على غير وجهه، وعبر فيه بعبارة توهم أنه خلاف محقق للأصحاب، فإنه عبر بقوله: ولو حلف لا يشرب سويقًا فصار خاثرًا بحيث يؤكل بالملاعق فتحساه، ففيه تردد، هذه عبارته من غير زيادة عليه، ولا شك أن الخلاف الذي ذكره الرافعي إنما أراد به التردد الذي ذكره الإمام، كما أشار إليه المصنف، إلا أنه قد حصل فيه خلل من وجهين، والموقع له في الأمرين معًا هو كلام الوسيط، وكلام الغزالي في الوسيط أراد فرض المسالة في الأكل، فسبق القلم أو الذهن إلى الشرب، ثم عبر بالتردد كما عبر به الإمام، إلا أنه أطلقه ولم يضفه إليه، وإطلاقه صحيح إلا أنه محتمل لأمرين، ففهم الرافعي منهما