غير المراد، وقد مشى في الروضة على هذا الغلط الذي وقع للرافعي، وقد أوضحت ذلك كله في كتاب ((المهمات)).
الأمر الثاني: أن ما حكاه عن أبي نصر- يعني: ابن الصباغ- من قطعه بما رجحه الرافعي من عدم الحنث ليس كذلك، فإنه إنما قطع به في بله بالماء، ولم يجعله مانعًا، فإنه قال ما نصه: وجملته أنه إذا حلف لا يشرب سويقًا فاستفه، أو بله بالماء وأكله بالملعقة أو بأصابعه لم يحنث، لأنه ليس بشرب، وإن طرح فيه ماء فماثه فيه ثم شربه، حنث، لأنه شرب. هذا لفظه من غير زيادة عليه وهو كما قلناه من أنه إنما قطع بعدم الحنث في صورة أخرى، وماث- بالميم والثاء المثلثة- معناه مرس وأذاب وقد اتضح بجميع ما قلناه الجزم بالحنث في مسألة الرافعي بخلاف ما رجحه، وتبعه عليه في الروضة، وإنما محل التردد إذا حلف لا يأكل.
قوله: وإن حلف لا يلبس له ثوبًا فوهبه منه، أو اشتراه أو لبس ما اشتراه له، أي: بطريق الوكالة لم يحنث، لأنه لبس ثوبًا له حالة اليمين. انتهى كلامه.
وتعبيره في آخر كلامه بقوله: حالة اليمين سهو، لأنه إذا اشتراه منه أو اوتهبه لا يحنث بلبسه، كما اقتضاه كلامه، وإن كان له حالة اليمين، بل الصواب: أن يقول حالة اللبس، فإن الاعتبار بتلك الحالة لا بحالة الحلف.
قوله: فإن حلف ليضربن عبده مائة سوط، فشد مائة سوط وضربه بها دفعة واحدة، كفى إذا غلب على ظنه أن ثقل الجميع وصل إليه، بخلاف ما لو قال: لأضربنه مائة ضربة، فضربة بالمائة المشدودة فإنه لا يبر في أظهر الوجهين، والفرق أنه جعل هناك العدد للأسواط وهي متعددة، وهاهنا جعل العدد للضربات فلابد من تعددها.
ثم قال ما نصه: وعنده أيضًا، أي: عند القائل بالفرق، أنه لابد من تواليها حتى تقع الضربة بعد الضربة، حتى تتم الضربات المذكورة، قاله الإمام وغيره، هذه عبارته، وهي تقتضي أن التفريق في الزمان لا يجوز، وليس كذلك بل هو جائز بلا خلاف.
وإنما أشار الإمام بذلك إلى إيضاح اشتراط التعدد، كما يدل عليه عبارته وعبارة الغزالي في البسيط، فعبر المصنف بتعبير موهم وزاده إيهامًا بقوله: وعنده أيضًا، ولا شك أنه التبس ذلك على المصنف، وقد تفطن في المطلب لذلك وقرره على الصواب، ومحل ذكرها في النهاية في أول الباب وفي البسيط في آخره.
قوله: وإن حلف لا يكلم فلانًا حينًا أو دهرًا أو زمانًا أو حقبا بر بأدنى زمان.