قوله: ولو لم يحصل العلم بأن الولد ليس منه، بل غلب على ظنه ذلك، كما إذا أتت به بعد الوطء والاستبراء بستة أشهر أو أكثر إلى أربع سنين، فقد حكى الإمام في المسألة ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه يباح له النفي.
والثاني: حكاه عن العراقيين أنه إن رأى بعد الاستبراء مخيلة الزنى التي تسلط على القذف أو تيقن الزنا جاز، بل وجب، وإن لم ير شيئًا فلا يجوز له.
والثالث: يجوز النفي، سواء وجدت مخيلة الزنى أو لم توجد، ولا يجب بحال لمكان التردد.
قال الرافعي: وكلام أصحابنا العراقيين يوافق الأول.
قلت كلام البندنيجي والمحاملي وابن الصباغ يوافق الثاني، وهو الذي حكاه الإمام عنهم. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن هذه الأوجه متداخلة، فإن الثالث هو الأول بعينه، وقد صرح الإمام والرافعي بأن القائل بالأول يقول: يجوز ولا يجب، بل الأولى أن يشير على نفسه والإمام- رحمه الله- لم يحك الوجه هكذا، فإنه ذكرها في أوائل الباب، وقال فيها وجهان صريحان وفي كلام الأئمة ما يدل فحواه على ثلاثة، أحدها يجوز مطلقًا ولا يجب.
والثاني: قاله العراقيون إن لم ير مخيلة فلا يجب، بل لا يجوز، وإن رآها وجب، ثم قال مستدركًا على العراقيين ما نصه: وإيجاب النفي قد لا يتجه مع إمكان العلوق من الروح، وهذا هو المسلك الثالث. هذه عبارته، فعلمنا أن الثالث الذي استخرجه من فحوى كلامهم: أنه إن لم ير مخيلة فلا يجوز، وإن رآها جاز، ولكن لا يجب كما يقوله العراقيون، ولا شك أن في كلام الإمام هنا غموضًا، فلذلك حصل هذا الوهم فيه للغزالي في البسيط، والرافعي في الشرحين الكبير والصغير، والنووي في الروضة