قوله: ولو نذر فعل معصية لغا نذره، وقيل: يلزمه كفارة يمين.
ثم قال: وعلى الخلاف يتخرج نذر الصلاة في الحيض، ونذر الصوم أيام العيدين والتشريق ونحو ذلك. نعم: لو نذر الصلاة في الأوقات المكروهة- فقد تقدم أن الكراهية كراهة تحريم، فيأتي فيه الخلاف مع وجه آخر- حكاه الأصحاب: أنه ينعقد نذره على القضاء في غيرها دون الوفاء به. وهذا هو المنقول. انتهى كلامه.
فيه أمران: أحدهما: أن ما ادعاه من أن الخلاف ليس بمنقول، وإنما هو على سبيل التخريج، وأن المنقول صحة النذر ووجوب الوفاء به في وقت آخر- غريب، فقد حكى فيه الرافعي في الكلام على الأوقات المكروهة وجهين، أضعفهما: ما ادعى المصنف انحصار النقل فيه، وأصحهما: أن نذره لاغٍ، وبناهما على أنه إذا تحرم بالصلاة في ذلك الوقت: هل ينعقد؟ إن قلنا: نعم- صح نذره، وإلا فلا. والغريب: أن المصنف قد حكاهما- أيضًا- هنالك. نعم: يصح له ما ادعاه في الوجه الثالث القائل بلزوم الكفارة، فإنهم لم يصرحوا به.
الأمر الثاني: أن القائل بصحة النذر لم يوجب فعلها في وقت آخر- كما ادعاه المصنف، بل قال: إن الأولى ذلك. وممن ذكره هكذا الرافعي والنووي.
قوله: ولو نذر شيئًا ولم يعلقه على شيء فقد قيل: لا يصح، لأنه لا يسمى نذرًا، والمذهب: أنه يصح، لعموم الأدلة، وما ذكره من أنه لا يسمى نذرًا ممنوع، لأن الله- تعالى- قال- حاكيًا عن مريم:{إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا ...} الآية [آل عمران:٣٥]، فأطلق النذر ولم يذكر تعليقه. انتهى كلامه.
وما ذكره من كون هذه المقالة من كلام مريم- عليه السلام- غلط عجيب وذهول، فإنه من كلام أمها لما كانت حاملًا بها، فاستحضر الآية تجده كذلك. نعم: وقع ذلك من مريم في قوله- تعالى-: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} الآية [مريم:٢٦]، فاشتبه ذلك على المصنف.
قوله: والوجهان جاريان فيما لو نذر أن يحج من شوال، والأظهر- وهو اختيار