قوله: أفضل عبادات البدن الصلاة، ووجهه: قوله- عليه الصلاة السلام-: ((استقيموا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة)) رواه أبو داود. ورأيت في كلام بعضهم:((استقيموا، ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن)) انتهى كلامه.
وهذا اللفظ الذي أورده في معرض الاستغراب قد رواه ابن ماجه في ((سننه)) في كتاب الوضوء، والبيهقي فيه، وفي فضائل الصلاة، قبيل استقبال القبلة، روياه من حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص، ومن حديث ثوبان، لكن في رواية ابن ماجه عن عبد الله:((أن من خير أعمالكم))، أعني بإثبات ((من)) وكذلك في بعض روايات البيهقي، وإسناد رواية عبد الله فيه ضعف، وإسناد رواية ثوبان جيد، لكنه من رواية سالم بن أبي الجعد عن ثوبان، وقد قال أحمد بن حنبل: إن سالمًا لم يسمع من ثوبان. وذكره مالك في ((الموطأ)) مرسلًا معضلًا، فقال: بلغني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال كذا وكذا. إلا أنه أتى بـ ((لن)) عوضًا عن ((لا)) في ((يحافظ)).
واستقيموا، معناه: ألزموا طريق الاستقامة. ولن تحصوا، أي: تطيقوا الاستقامة في جميع الأعمال، وقيل: لن تحصوا ما لكم في الاستقامة من الثواب العظيم.
قوله: ولأنه تلو الإيمان الذي هو أفضل القرب، وأشبه به، لاشتمالها على نطق باللسان وعمل بالجنان واعتقاد بالقلب. انتهى.
وهذا التعبير غفلة عجيبة، فإن ((الجنان)) هو ((القلب))، والصواب أن يقول- كما قاله غيره-: وعمل بالأركان، واعتقاد بالجنان.
والمراد بالأركان: الأعضاء.
قوله: وأفضل التطوع ما شرع له الجماعة.
ثم قال: فإن قيل: قد روى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:((أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)) رواه مسلم- فجوابه: أنه محمول على النوافل المطلقة، لقيام الإجماع على أن رواتب الفرض أفضل منها ... إلى آخره.