وما ادعاه من الإجماع غريب، ففي ((الرافعي)) عن أبي إسحاق المروزي: أن صلاة الليل أفضل من الرواتب. وقال في ((الروضة)) و ((شرح المهذب)): إنه قوي: للحديث المذكور.
قوله: وفي الوتر وركعتي الفجر قولان، أصحهما: أن الوتر أفضل، لأن أبا حنيفة يقول بوجوبه، ولم يختلف أحد في عدم وجوب ركعتي الفجر. انتهى.
وما ادعاه من عدم الاختلاف في ركعتي الفجر ليس كذلك، فقد ذهب الحسن البصري إلى وجوبهما، كذا نقله النووي في ((شرح المهذب)) عن القاضي عياض عنه.
قوله: ولأنها- يعني ركعتي الفجر- تبع لصلاة الصبح، والوتر تبع للعشاء، والصبح آكد من العشاء، لأنها الصلاة الوسطى عند الشافعي، فوجب أن يكون متبوعها أوكد من متبوع العشاء. انتهى.
وتعبيره بـ ((المتبوع)) سهو في الموضعين، والصواب التعبير بـ ((التابع)) فيهما.
قوله: ويدل على عدم وجوب الوتر قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}، فلو كان الوتر واجبًا لم يكن فيها وسطى، لأن الستة لا وسط لها، كذا قاله الماوردي. وقوله- عليه الصلاة والسلام-: ((كتب على ثلاث- ولم تكتب عليكم-: الضحى والأضحى، والوتر))، ولأنه- عليه الصلاة والسلام- كان يوتر على الراحلة كما ثبت في ((الصحيحين))، وروى مسلم أنه- عليه الصلاة والسلام- كان يسبح على الراحلة، ويوتر عليها، غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة. فإن قيل: لا دلالة فيه، لأن الوتر كان واجبًا على النبي - صلى الله عليه وسلم - قلنا: أجاب ابن الصلاح بأن المراد: أن ما وجب على العموم لا يجوز أداؤه على الراحلة، والوتر ليس كذلك. انتهى ملخصًا.
وما ذكره أولًا عن الماوردي استدلال غلط، كما تقدم في الكلام على الصلاة الوسطى، وأما ما ذكره أخيرًا فذهول عن المنقول، فإنه- عليه الصلاة والسلام- إنما كان يصلي الوتر على الراحلة في السفر، والوتر لم يكن واجبًا عليه إلا في الحضر، كذا ذكره الحليمي في ((شعب الإيمان)) والشيخ عز الدين في ((القواعد))، والقرافي في ((شرح المحصول)) و ((شرح التنقيح)).
قوله في الحديث: ثم خرج ليلة في رمضان، فرأى الناس قزعًا في المسجد فمن واحد يصلي، ومن اثنين يصليان، ومن ثلاثة يصلون ... إلى آخره.
اعلم أن المشهور في الحديث: فرأى الناس أوزاعًا. والأوزاع- بالزاي المعجمة-: هم المتفرقون، من قولهم: وزعه على الناس، أي: فرقه، والمصنف قد ذكره كما يراه،