قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث مسلم:((فاظفر بذات الدين، ترتب يداك))، أي: افتقرتن إن خالفت أمري [في ذلك]، لأن ترب بمعنى افتقر، وأترب بمعنى استغنى.
ونقل الجيلى عن بعضهم: أن ترب هنا بمعنى استغنى، وأن ترب وأترب بمعنى واحد. انتهى.
واقتصاره في هذا النقل على الشرح المذكور يوهم عدم ثبوت هذا النقل، ولاسيما وقد وقع فيه شيء غريب، وهو أن الجيلي قد نقله عن كتاب ((فعلت وأفعلت)) للزجاج، فقال: قال الزجاج في كتاب فعلت وأفعلت: تربت يداك استغنت، وجعل ترب وأترب بمعنى واحد. هذا كلام الجيلى.
وقد صرح- أعني: الزجاج- في الكتاب المذكور، بعكس ذلك فقال: باب التاء من ((فعلت وأفعلت))، والمعنى مختلف يقال: ترب الرجل، إذا افتقر، وأترب إذا استغنى. هذه عبارته إذا علمت ذلك، فقد نقل أن ترب بمعنى استغنى، جماعة منهم: القاضي عياض في ((مشارق الأنوار))، والماوردي في كتاب ((الصداق)) من ((الحاوي))، والعمراني في ((البيان)) هنا.
ولما تكلم القرطبي في شرح مسلم على ((تربت يمينك))، قال- وقد أحسن البديع في بعض رسائله- فقال: وقد تووحش اللفظ، وكله ورد، ويكره الشيء وما من فعله بد، هذه العرب تقول للشيء إذا أهتم: قاتله الله، ولا أب له، ولا يريدون به الذم، وويل أمة للأمر إذا تم، وللألباب في هذا الباب: أن تنظر إلى القول وقائله، فإن كان وليًا، فهو الولاء، وإن وحش وإن كان عدوًا، فهو البلاء وإن حسن.
قوله: ولو تزوج السفيه من غير مراجعة الولي، لم يصح، وقال الجيلي: على الأصح: وذلك يدل على ذكر خلاف فيه، ولم أره في غيره.
فلو دخل بها فلا حد، ولا يجب المهر- على الأصح- سواء كانت عالمة أو لم تكن، لأنه مفرطة بعدم البحث، كمن باع من مفلس. انتهى كلامه.