قوله:((وأما الكلب فجزم المعظم بمنع وقفه، وإن جازت إجارته، وقد أجاز بعضهم وقفه، واختلفوا في أصله، فالشيخ أبو حامد كما حكاه في الإبانة عنه، والماوردي والقاضي الحسين بنوه على جواز إجارته.
ومنهم من بناه على جواز هبته.
ومنهم من بناه على أن الوقف لا يقتضي نقل الملك، وقد حكى في البحر طريقة قاطعة بهذا الوجه، ونسبها الفوراني إلى القفال واختارها في المرشد.
ومن خرج هذا الوجه على ما ذكرناه، يلزمه تجويز وقف الموصى له بالمنفعة، ولم يجوزه)). انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن هذا الإلزام الذي ذكره آخر كلامه عجيب، فإنه خارج باشتراطهم أن تكون عينًا.
الثاني: أن ما حكاه هنا عن الفوراني غلط فإن الذي نسبه الفوراني في كتاب الإبانة إلى القفال: إنما هو الجزم بالمنع، فقال: وقال القفال: لا يجوز، لأنه لا يقبل نقل الملك، هذا لفظه في الإبانة من غير زيادة عليه.
قوله- نقلًا عن الشيخ: ((فإن وقف على قاطع الطريق أو حربي أو مرتد، لم يجز، وإن وقف على ذمي جاز.
ثم قال: فإن قيل: يظهر أن المراد بالذمي غير معين، كما أن مراده بقاطع الطريق والمرتد والحربي ليس شخصًا معينًا، بل من يقطع أو يرتد أو يحارب، إذ لو كان معينًا، لكان كما لو وقف على زيد مثلًأ، وكان قاطع طريق، فإنه يصح جزمًا، وكذا لو وقف عليه وهو حربي أو مرتد في وجه.
قلت: ليس الأمر كذلك، بل المراد الواحد المعين، فإن هذه الصيغة ليس فيها عموم، وما ذكر من أن المراد بقاطع الطريق واحد غير معين فصحيح، لأنه مضاف إلى الطريق، ومثل ذلك يقتضي العموم، وما ذكر من أن المراد بالحربي والمرتد غير