للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معين ممنوع، لما ذكرناه)). انتهى كلامه.

وهو تخليط فاحش، فإنه الصيغة إذا لم يكن فيها عموم، لا يلزم أن يكون مدلولها واحدًا معينًا، فقد يكون واحدًا غير معين، كما لو قال: لله علي أن أعتق عبدًا، فإنه يكفيه أي عبد كان، ولا يستقيم أن يريد العموم البدلي، لأنه لا يراد به أيضًا فرد معين، وقد جعله مغايرًا له، وكذلك دعواه أن المراد بمن يقطع الطريق واحد غير معين، ثم استدل عليه بأن المضاف يقتضي العموم في غاية العجب، لاسيما والقائلون بأن الإضافة مقتضاها العموم، إنما هو عموم الشمول، وحينئذ فلا يصح أن يريد الشمولي ولا البدلي، وسبب هذا جميعه هو كلامه فيما لا علم له به، ولو سكت عن مثل ذلك، لكان خيرًا له، ويكفيه ما يبديه في الفن الفقهي من العجائب والغرائب.

قوله: ((وطريق تصحيح الوقف على نفسه كما قال ابن يونس، وصاحب رفع التمويه: أن يقف على أولاد أبيه الذين من صفتهم كيت وكيت، ويذكر صفات نفسه)) انتهى.

واعلم أن ما ادعاه من أن صاحب رفع التمويه صححه بهذا الطريق غلط، فإنه إنما نقل ذلك عن غيره نقل مضعف له بعد أن ذكر- أيضًا- ما يقتضي عدم الصحة، فإنه قال: فرع: ولا يجوز أن يقف على نفسه، بل طريق ذلك أن يهبها لغيره ويقبضها إياه ممن يثق به أو يبيعها عليه بثمن ما، ثم يسأله إبقاءها عليه وعلى من شاء بعده.

وقيل: إن أراد أن يقف على نفسه، فله إليه طريق، وهو أن يقف على أولاد ابنه ويصف نفسه فيقول: وقفت هذا على أولاد فلان على كل من كان صفته كذا وكذا، ويذكر صفة نفسه، فإنه يدخل في ذلك الوقف. هذا كلام رفع التمويه بحروفه.

والظاهر أنه أشار إلى ابن يونس، فإنه كثيرًا ما يتبعه فيما يقوله، ورأيت بخط بعض الفضلاء أن أبا علي الفارقي تلميذ الشيخ أبي إسحاق، ذكر هذه الطريقة، وكان ابن يونس اعتمد عليه فيها، وبالجملة فهي مردودة معنى، وهو ظاهر، ونقلًا فقد قال الغزالي في فتاويه: إذا وقف على أولاده، فإن انقرضوا، فعل عصبتهم، فمات بعضهم، وكان للواقف عصبة، لا يدخل بحكم العصوبة، لأنه يصير متعينًا لاستحقاق وقف نفسه، وبهذا خالف إذا وقف على المسلمين، لأنه على العموم فيدخل فيهم هذا كلام الغزالي. وهو يقتضي إبطال ما تقدم بطريق الأولى فتبين أن لا مستند للتصحيح بهذه الصورة.

قوله: والمتفقهة: هم المشتغلون بتحصيل الفقه: مبتدئهم ومنتهيهم.

<<  <   >  >>