للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجزم به- أيضًا- الغزالي في ((الخلاصة))، وهو الصواب، ففي صحيح البخاري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له من العمل ما كان يعمله صحيحًا مقيمًا))، وخالف في ((شرح المهذب)) فقال: وهذه الأعذار مرخصة للترك، وأما فضيلة الجماعة فلا تحصل له بلا شك وإن تركها لعذر. هذا كلامه، وهو مردود بما سبق نقلًا واستدلالًا، وقد ذكر الرافعي في ((باب صفة الصلاة)) في فصل القيام: أن من صلى قاعدًا لمرض تحصل له فضيلة القيام. وقال في ((شرح مسلم)): إنه لا لاف فيه، وهو يقوي الحصول في مسألتنا، إلا أن بينهما فرقًا ظاهرًا، وهو أنه قد أتى عن القيام ببدل، بخلاف الجماعة، لكن الرافعي علله بقوله: لأنه معذور. وتبعه عليه في ((الروضة)).

قوله: واختار أبو ثور وابن المنذر وابن خزيمة أن الجماعة فرض عين، والمعروف خلافه، إذ لو كانت كذلك لكانت شرطًا فيها كالجمعة. انتهى.

وهذا الكلام صريح في أن ابن خزيمة لا يقول بالشرطية، وليس كذلك، فقد نقل الإمام عنه أنها شرط للصحة.

قوله- في التفريع على أن الجماعة فرض-: والمسافرون لا يتعرضون لهذا الفرض بلا شك كما قاله الإمام. انتهى كلامه.

وما نقله عن الإمام من القطع بعدم الوجوب وارتضاه، قد ارتضاه- أيضًا- النووي في ((التحقيق)) فقال: والجماعة في حق المسافرين سنة قطعًا، وهذا الذي قاله الإمام وتابعه عليه من تابعه غريب ومردود، فإن الشافعي- رضي الله عنه- قد نص في ((الأم)) على وجوبها عليهم كما تجب على غيرهم، فإنه استدل على وجوب الجماعة من القرآن والحديث.

ثم قال بعد ذلك ما نصه: فأشبه ما وصفت من الكتاب والسنة ألا يحل ترك أن يصلي كل مكتوبة في جماعة، حتى لا يخلو جماعة مقيمون ولا مسافرون من أن تصلي فيهم جماعة. هذا لفظ الشافعي بحروفه، ومن ((الأم)) نقلته.

قوله- أيضًا-: وفي الحديث: ((إلا عجوزًا في منقلبها) قال: والمنقل: الخف، وقيل: المندل، وهو بكسر الميم كما قاله الهروي، وقال الجوهري: بالفتح. انتهى.

وهو بنون ساكنة بعدها قاف، قال الأزهري: يقال للخف: المندل والمنقل، بكسر الميم فيهما. وقال ابن مالك في ((المثلث)): المنقل- بالكسر والفتح- هو الخف مطلقًا، وبالضم: الخف المصطلح عليه. وذكر الجوهري ما حاصله: أن النقل- بلا

<<  <   >  >>