للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجوز بلا كراهة- أيضًا- كما ذكره الرافعي، وحينئذ فيلزم جواز الجمع- أيضًا- في الصورة المتقدمة التي منعناها بلا كراهة- أيضًا- وهو باطل بالاتفاق، بل الجواب الصحيح: أن الوقت المذكور يسع الصلاتين بزيادة، خصوصًا إذا كانت الشرائط عند الوقت مجتمعة، فإن فرضنا ضيقه عنهما، لأجل اشتغاله بالأسباب- امتنع الجمع، لفوات شرطه: وهو وقوع الصلاتين في وقت إحداهما، كما يمتنع الجمع في غير المغرب- أيضًا- عند فوات هذا الشرط، وقد أورد نظير هذا في آخر صلاة المسافر على وجه أضعف مما ذكرناه هاهنا، فراجعه.

قوله: وقد اختاره- أي: اتساع وقت المغرب- ابن المنذر والزبيري وابن خزيمة والخطابي والبيهقي والغزالي في ((الإحياء)) والبغوي في ((التهذيب)).

وقال النووي وغيرهم: وهو الصواب.

وقال الرافعي: إن به الفتوى. وكذا قال الروياني: به أفتى انتهى كلامه.

وهذا النقل الذي نقله عن الرافعي ليس الأمر فيه كذلك، فإن الرافعي إنما نقله عن طائفة معينة فقال: واختار طائفة من الأصحاب القول الأول ورجحوه، وعندهم أن المسألة مما يفتى فيها على القديم. هذه عبارته.

قوله: وقد ذهب الشافعي وأصحابه إلى أن صلاة الصبح هي الوسطى، لأن الله تعالى قد بين فضلها في آية أخرى فقال: {وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء:٧٨].

قال المفسرون: تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار، ولأنها بين صلاتين ليلتين وصلاتين نهاريتين وصلاتين تجمعان وتقصران، وهي لا تقصر ولا تجمع.

ثم قال في آخر الكلام: إنها العشاء، لأنها بين صلاتي ليل وصلاتين يجهر فيهما وصلاتين لا تقصران. انتهى كلامه.

فيه أمور:

أحدها: أن ما استدل به من شهود ملائكة الليل والنهار فيها فإنه بعينه ثابت في العصر، كما دل عليه الحديث الصحيح المعروف: ((كيف تركتم عبادي؟ قالوا تركناهم يصلون وجئناهم يصلون)).

الثاني: أن ما استدل به للعشاء من كونها بين صلاتي ليل غير مستقيم، فإن صلاة الصبح من صلوات النهار، وقد ذكره هو قبل ذلك كذلك.

الثالث: أن تفسير ((الوسطى)) بمعنى: المتوسط بين شيئين أو أشياء، فاسدٌ، كما نبه

<<  <   >  >>