وأما تعبيره بقوله: وبكيته، فإنه بتشديد الكاف، كذا ضبطه الجوهري فقال: وبكيت الرجل، وبكيته- بالتشديد- كلاهما إذا بكيت عليه، وأبكيته: إذا صنعت به ما يبكيه. هذا كلامه، فليته ذكره كما ذكره!
قوله: ويحرم تخميش الوجه، وهو أخذ لحمه بالأظفار، ومنه قيل: نهشته الكلاب. انتهى.
التخميش- بالخاء والشين المعجمتين- هو الخدش، إلا أن الجوهري جعله ثلاثيًا، فقال خمش وجهه- أي بالتخفيف- ويخمشه ويخمشه، أي بكسر الميم وضمها. وأما ((النهش)) - بالشين المعجمة والمهملة أيضًا- فهو أخذ اللحم بمقدم الأسنان، كذا ذكره الجوهري- أيضًا- وهي مادة غير مادة ((الخمش))، وحينئذ فكيف يستقيم أن يقول المصنف: ومنه كذا وكذا؟!
قوله: فإن قيل: جزم الشيخ بجواز البكاء بعد الموت، وقد ورد النهي عنه، وأقل درجات النهي: أن يحمل على الكراهة ... إلى آخره.
وما ذكره عجيب، فإن الجواز يصدق على المكروه وعلى غيره، على أنه قد وقع له في غير هذا الموضع مثله أيضًا.
قوله: والجواب عن قوله- عليه الصلاة والسلام-: ((إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه)) بوجوه، منها- ما نقله القاضي الحسين عن ابن سريج-: أن المعنى ليعذب حين البكاء، وحروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض. انتهى.
وتعبيره بـ ((الصفات)) - أعني بالفاء بعد الصاد- غلط لا معنى له، ولم يذكره القاضي أيضًا، بل الصواب- وهو الذي رأيته في ((تعليقته)) أيضًا- إنما هو:((الصلات)) باللام، أي: الحروف التي توصل معنى كلمة إلى كلمة أخرى، ومع ذلك فإن مجيئه في هذا المثال لا يصح، لأن لفظ ((حين)) من الأسماء، لا من الحروف.
تنبيه: ذكر في الباب ألفاظًا.
منها: الحشرجة- بحاء مهملة مفتوحة، ثم شين معجمة ساكنة، ثم راء مهملة بعدها جيم، وفي آخره تاء التأنيث-: هي الغرغرة عند الموت وتردد النفس، قال الشاعر:
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يومًا وضاق بها الصدر