الارتفاع، وعلى هذا في ارتفاعه عن الرأس وجهان، لأن واجبها في الوضوء المسح، وفي الغسل الغسل، والمسح لا يقوم مقام الغسل. قلت: وليت شعري القائل بارتفاعه هل يقول بارتفاعه عن جملة الرأس، أو عن القدر المجزئ في الوضوء؟ والظاهر الثاني، وإن صح فأي موضع هو؟ انتهى كلامه.
والبحث الذي ذكره عجيب، بل الصواب عند هذا القائل ارتفاعه عن الجميع كما هو مدلول عبارتهم، لأنه لا يعقل مع التبعيض الذي لم يتعين موضعه الأمر بغسل الباقي، وذلك بناء على أن الجميع يقع فرضًا، فإن قلنا: إن الزائد على مقدار الواجب يقع نفلًا- وهو ما صححه المصنف في ((باب فرض الوضوء)) - فلا يرتفع عن الرأس، وحينئذ يكون للمنع علتان: إحداهما: هذه، والثانية: ما ذكره.
واعلم أن ما ذكره في تعليل المنع إنما يتضح بزيادة ذكره الرافعي، فإنه قال- أعني الرافعي-: ولا يرتفع عن الرأس في أصح الوجهين، لأن فرض الرأس في الوضوء المسح، والذي نواه: إنما هو المسح، والمسح لا يغني عن الغسل. ورأيت في ((شرح الفروع)) للشيخ أبي علي السنجي: أنه ينبغي ألا يرتفع عن اللحية إذا كانت كثيفة، لأن فرضها الإفاضة على الظاهر، وغسل باطنها سنة. قال: إلا أن يتخرج على أن النفل هل يسد مسد الفرض؟
قوله: ثم في الأمر بالإتيان بالوضوء الكامل في أول الغسل، ما يغني عن التصريح بأمرين، أحدهما: الأمر بالإتيان بالتسمية في أوله كما صرح بذكرها العراقيون والمارودي.
ثم قال: وفي ((التتمة)) حكاية وجه آخر: أنه يكره له التسمية، وهو في ((تعليق)) القاضي وقال: إن من أصحابنا من قال: الأولى أن يقول: باسم الله العظيم- أو: الحليم- الحمد لله على الإسلام، حتى لا يكون على نظم القرآن. انتهى كلامه.
وما نقله عن ((التتمة)) و ((التعليق)) من حكاية وجه في كراهة التسمية ليس كذلك، فإنهما إنما حكياه في عدم استحبابها، ولا يلزم منه كراهتها، ولفظ ((التتمة)): الثانية: هل تسن له التسمية أم لا؟ فيه وجهان، أحدهما: تسن، كما في حق المتوضئ، والثاني: لا تسن، لأن التسمية وإن كان يقصد بها التبرك فالنظم نظم القرآن، والقراءة محرمة على الجنب. هذا لفظه، وذكر القاضي نحوه.
قوله: فائدة: هذا الوضوء هل يحتاج إلى نية تخصه أو لا، لأنه من سنن الغسل فنيته تشمله، كما تشمل نية الوضوء المضمضة والاستنشاق؟ الذي حكاه الرافعي: