يقصد به القرآن، فتأمله. وهذا مما لا يتأتى القول به.
وقد ذكر الشيخ تاج الدين في ((الإقليد)) التحريم عند الإطلاق في قسم لا يبعد القول فيه بالتحريم، فقال: المحرم على الجنب كل ما ظهر آية قرآن وصورته، آية كان أو بعض آية، لا ما ليس كذلك مثل:((ثم نظر))، إلا أن يقصد القراءة، و:((باسم الله)) و: ((الحمد لله)) علمت استعمالها ذكرا، فلا تحرم إلا بقصد كونهما قرآنًا، بخلاف ((بسم الله الرحمن الرحيم))، فإنها تحرم على الجنب، إلا أن يقصد الذكر. هذا كلامه، وهو متوسط بين مقالة الرافعي وابن الرفعة.
قوله: قال الأصحاب: يستحب للجنب ألا يأكل ولا يشرب ولا يجامع ولا ينام حتى يتوضأ وضوءه للصلاة ويغسل فرجه، ولا يستحب مثل ذلك للحائض والنفساء إلا بعد انقطاع دمهما، قال أبو الطيب وابن الصباغ: والفرق: أن وضوء الحائض لا يفيد شيئًا، ولا كذلك وضوء الجنب، فإنه يخفف الجنابة ويزيلها عن أعضاء الوضوء ويطهرها، والإمام قال: إنه لا يرفع الحدث، وقضية ذلك التسوية. انتهى كلامه.
وما ذكره عن هذين من كون هذا الوضوء يزيل الجنابة عن أعضاء الوضوء عجيب: أما الرأس فواضح، وهو عدم الغسل، وأما ما عداها، فلأن من نوى الوضوء مع علمه بأن عليه الجنابة لا ترتفع جنايته، فإن فرض أنه نوى رفع الجنابة لم يكن المأتي به وضوءًا، وصورة المسألة إنما هو فيمن توضأ.
تنبيه: ذكر في هذا الباب أم سليم بنت ملحان، وملحان بكسر الميم- ويقال: بفتحها- وبالحاء المهملة، وهي أم أنس بن مالك بلا خلاف، ووهم جماعة فزعموا أنها جدته. وذكر بعده حديث أبي داود:((إذا نضحت الماء فاغتسل))، قال: والنضح هو الظهور، قال: ويقال: نضح الماء، أي: رفعه.
اعلم أن النضح بالضاد المعجمة والحاء المهملة هو الرش، ونحوه ومنه قولهم: فِ الإناء ينضح، أي يخرج منه شيء ويظهر.