تحريا لرمضان، وليس كذلك، بل البندنيجي قائل بالكراهة لا بالتحريم، فإنه قال في ((تعليقه)) الذي ينقل عنه المصنف: ولا يجوز أن يصوم العيدين، وكذا أيام التشريق على الجديد.
ثم قال ما نصه: فأما يوم الشك فمكروه أن يقصده بالصوم. هذا لفظه، وقد صرح هو به في آخر المسألة على الصواب، فقال: وقد وافق الشيخ في عبارته- يعنى عدم الجواز- صاحب ((التتمة))، وعبارة ابن الصباغ والبندنيجي وصاحب ((البحر)) والفوراني والقاضي الحسين: أن صوم يوم الشك مكروه. هذا لفظه، وسبب الوهم: أن البندنيجي قد قال بأنه لا فرق بين صومه عن التطوع أو رمضان، فضم المصنف هذا التقسيم إلى عبارة الشيخ، فوقع في الخطأ.
الأمر الثاني: أن صلة: بصاد مهملة مكسورة ثم لام مفتوحة، وأما زفر: فبزاي معجمة مضمومة، ثم فاء مفتوحة، وقد تحرف على المصنف فتفطن له.
واعلم أن المصنف بعد الكلام الأول بأسطر قلائل، في الكلام على انتصاف شعبان- قد قال ما نصه: وجزم به في ((المهذب))، والقائل بالأول ... إلى آخر كلامه، ومراده بالأول: اختصاص عدم الجواز بيوم الشك، فاعلم ذلك، فإنه ملبس يتعين التنبيه عليه.
قوله: ولو صام يوم الشك عن فرض صح، وهل يكره؟ فيه وجهان، قيل: مختار أبي الطيب: الكراهة، وهو الذي جزم به في ((المهذب))، وقال في ((الحاوي)): إنه مذهب الشافعي، رضي الله عنه. والذي رأيته في ((تعليق)) أبي الطيب: أنه يسقط عنه الفرض، ولا ثواب له، ويكون بمنزلة الصلاة في الدار المغصوبة. واستبعد ابن الصباغ ما حكي عن أبي الطيب من الكراهة، وقال: لم أره لغيره من أصحابنا. وما قاله مخالف للقياس، لأنه إذا جاز أن يصوم فيه تطوعًا له سبب كان الفرض أولى، كالصلاة في الوقت المنهي عنه، ولأنه لو كان عليه يوم من رمضان فقد تعين عليه فعله فيه، لأن وقت القضاء قد ضاق، ولأجل ذلك قال في ((المرشد)): إن صامه عن قضاء رمضان ينبغي ألا يكره، لأنه متعين. انتهى كلامه.
وما ذكره من إنكار الكراهة في ((تعليق)) أبي الطيب غريب، فقد صرح به قبل هذا النقل الذي ذكره بقليل، فقال ما نصه: عندنا أن صوم يوم الشك مكروه، فإن صامه تطوعًا فلا ثواب له، وإن صامه عن فرض سقط الفرض ولا ثواب له أيضًا. هذا لفظه، وهو يقتضي أنه لا فرق في كراهة النفل بين ما له سبب وما لا سبب له.