للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعلم أن الوجهين المذكورين في دفع الكراهة هما لابن الصباغ، وكلام المصنف يقتضي قوتهما، وهما باطلان:

أما الأول- وهو القياس على النفل- فذهول عن مدرك قطعي الصحة غامض الإدراك، وهو أن صيام الفرض فيه لا يبرئ الذمة بيقين، لاحتمال أن يكون من رمضان ورمضان لا يقبل غيره، وهذا المعنى لا يأتي في التطوع، فإن غاية ما يلزم منه على تقدير كونه من رمضان ألا يعتد بما أتى به، وهذا الكلام كله على تقدير تفرقة القاضي بين الفرض والنفل ذي السبب، وقد تقدم أن كلام القاضي في ((التعليق)) يقتضي أنه لا فرق، وابن الصباغ في نقله هنا عن القاضي قد صرح بأنه ينقل من ((تعليقه)).

وأما الوجه الثاني فدليل على عدم فهم المراد من كراهة الفرض في الأوقات المكروهة، وذلك أنه قد تقدم في الصلاة: أن الصبح يكره فعلها عند ظهور الشعاع، والعصر عند اصفرار الشمس، قالوا: وليس المراد من الكراهة: أنه مأمور بترك الصلاة، بل الفعل واجب عليه، ولكن المراد أنه يكره التأخير إلى ذلك، فإن أخر تضيق عليه، ولزمه الإتيان به، وقالوا- أيضًا- هناك بكراهة تأخير الفائتة ليصليها في وقت الكراهة، وما قالوه هناك فهو الذي بعينه يقال هنا، فالرد بما ذكروه هنا غلطة فاحشة.

<<  <   >  >>