ثم قال: وكلامه في المتغير يقتضي أنه لا فرق بين ما تغير كله أو بعضه، قال الرافعي: وهو ظاهر المذهب. انتهى.
وما زعمه من أن مقتضى اللفظ هو شمول القسمين، باطل بلا شك، بل مقتضاه تغير الجميع، ألا ترى أنه إذا تغير البعض يصح أن يقال: ما تغير هذا، وإنما تغير بعضه؟! وقد صرح الرافعي بما ذكرناه في كلامه على ألفاظ ((الوجيز))، والعجب ذهول المصنف عنه مع كونه واضحًا ومسطورا- أيضًا- في ((الرافعي))! وقد خالف النووي في هذه المسألة، وقال: الأصح: أن المتغير كنجاسة جامدة.
قوله: وقيل: إن القلتين ستمائة رطل، وبالأمنان ثلاثمائة من، وهو اختيار القفال والزبيري صاحب ((الكافي))، كما قال الإمام والفوراني. انتهى كلامه.
وهذا النقل عن الإمام والفوراني صحيح، وعبارة الفرواني في ((الإبانة)): وذكره صاحب ((الكافي)) في كتابه، لكن نقلهما ذلك عن الزبيري غلط، فقد راجعت كلام الزبيري في كتابه المعروف به وهو ((الكافي))، فرأيت فيه الجزم بأن القلتين خمسمائة رطل، ذكر ذلك في موضعين من كتابه: أحدهما: في أوله، وثانيهما: بعد التيمم، وهذا الغلط وقع أولًا للقفال، فتابعه عليه أصحابه ثم أتباعهم.
قوله: وإن تغير- أي: طعمه أو لونه أو ريحه- فهو نجس، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((الماء طهور لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه)) رواه ابن ماجه، ورواية أبي داود:((خلق الله الماء طهورًا لا ينجسه إلا ما غير طعمه أو ريحه)). انتهى كلامه.
وما عزاه لأبي داود من ذكر هذا الاستثناء غلط، فإنه ذكر الحديث من غير استثناء بالكلية.
قوله: ولو كان في وسط النهر حفرة لها عمق، والماء يجري عليها- فقد حكى صاحب ((التقريب)) نصًا للشافعي: أن للماء في الحفرة حكم الركود، قال الإمام: ونحن نقول: إن كان الماء الجاري يغلب ما في الحفرة ويبدلها ويخلفها فهو جارٍ، وإن كان يلبث الماء قليلًا، ثم يزايل ما في الحفرة- فله في زمان اللبث حكم الركود وإن كان لا يلبث، بل يثقل حين كثر، ثم يشتد في الجري- فله في زمان التثاقل حكم الماء الجاري الذي بين يديه ارتفاع وهو يتحرك على بطء، وإن كان ما في الحفرة لابثًا وفيه نجاسة، والماء يجري عليها- فما في الحفرة نجس، والجاري عليه في حكم الجاري على نجاسة واقفة لا تتزحزح. انتهى كلامه.