للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله لمن حمده، وهو راكع، ثم إذا انتهى أخذ في رفع الرأس واليدين، انتهى كلامه.

وحاصل ما ذكره أن ابن كج يقول بأنه لا يأخذ في رفع الرأس واليدين إلا بعد فراغ ((سمع الله لمن حمده))، وهو غلط، فإن المصنف- رحمه الله- لم ينقله من كتاب ابن كج، ولهذا قال: وعن ابن كج. والرافعي- رحمه الله- قد وقف عليه، وهو من جملة المصنفات التي غالب نقل الرافعي منها، ولا نعلم وصول الكتاب إلى مصر، وقد عبر- أعني الرافعي- بقوله: لأن القاضي ابن كج ذكر أنه يبتدئ بقوله: سمع الله لمن حمده، وهو راكع، ثم إذا ابتدأ به أخذ في رفع الرأس واليدين. هذه عبارته، ولا شك أن المصنف أخذه من الرافعي فتحرف عليه.

قوله: وأدنى السجود: أن يباشر بجبهته المصلى، لما روى مسلم وغيره عن خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا، فلم يشكنا. أي: لم يزل شكايتنا. انتهى كلامه.

واعلم أن مسلمًا لم يتعرض لقوله: ((في جباهنا وأكفنا) وإنما خرج أصل الحديث ولفظه عن خباب قال: أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشكونا إليه حر الرمضاء، فلم يشكنا. قال زهير: قلت لأبي إسحاق: أفي الظهر؟ قال: نعم، قلت: أفي تعجيلها؟ قال نعم. انتهى لفظ مسلم. نعم، روى هذه الزيادة البيهقي بإسناد حسن- كما قاله النووي في ((الخلاصة)) - قال والحديث المذكور منسوخ، لأمره - صلى الله عليه وسلم - بالإبراد بالظهر.

قوله: وهذا التصوير مؤذن بصحة ما قاله بعض الشارحين لهذا الكتاب: أنه لا خلاف في أنه لا يجزئه أن يضع جبهته على الأرض ويمد [يديه] ورجليه، لأنه لا يسمى سجودًا، فإن السجود في اللغة: التطامن، ومنه قولهم للبعير إذا تطامن ليركبه راكبه: قد سجد. انتهى كلامه.

وهذه المسألة التي أشعر كلامه باستغرابها قد ذكرها الرافعي- رحمه الله- وجزم بها، واستدل بها لمسألة أخرى، وقال في ((شرح المهذب)): لا يجزئه بلا شك. وقد ذكر المسألة في ((التتمة)) - أيضًا- ثم قال: إلا أن يكون به علة لا يمكنه السجود إلا هكذا.

قوله: وفي مباشرة المصلى بالكف قولان، أصحهما: أنه لا يجب، لأنه- عليه الصلاة والسلام- صلى في مسجد ابن عبد الأشهل وعليه كساء ملتحف به، يضع يديه عليه، يقيه برد الحصا. رواه ابن ماجه. انتهى.

وتعبيره بقوله: ابن عبد الأشهل، تحريف، وصوابه: بنى، وهي قبيلة من الأنصار معروفة.

<<  <   >  >>