محبوسون إلى أن يقوم الإمام. ثم إذا وثب أقبل على الناس بوجهه، واختلف أئمتنا في أنه من أي قطر يميل: فمنهم من يقول: يفتل يده اليسرى ويجلس على الجانب الأيمن من المحراب، ومنهم من يقول- وهو القفال-: يفتل يده اليمنى ويجلس على الجانب الأيسر. وقال الإمام إذا لم يصح في هذا نقل فلست أرى في ذلك إلا التخيير، ثم ينصرف في أي جهة شاء. واستحباب قيامه عقب الدعاء، محله إذا لم يكن ثم نسوة، فإن كان فيستحب له أن يجلس، كيما يخرجن. انتهى كلامه.
وحاصله: أن الإمام يستحب له إذا لم يكن ثم نسوة أن يمكث بعد السلام للدعاء، فإذا فرغ منه وثب قائمًا، ثم جلس، ويستقبل الناس، على الخلاف في كيفية الاستقبال. وهذا المجموع على هذا الترتيب لم يقل به أحد، ولا معنى له- أيضًا- وقد قال النووي في ((شرح المهذب)): قال الشافعي والأصحاب- رحمهم الله-: يستحب للإمام إذا سلم أن يقوم من مصلاه عقب سلامه إذا لم يكن خلفه نساء. هكذا قاله الشافعي في ((المختصر))، واتفق عليه الأصحاب، وعللوه بعلتين:
إحداهما: لئلا يشك هو أو من خلفه هل سلم أم لا.
والثانية: لئلا يدخل غريب فيظنه بعد في الصلاة فيقتدي به.
أما إذا كان خلفه نساء فيستحب أن يثبت بعد سلامه، ويثبت الرجال قدرًا يسيرًا يذكرون الله- تعالى- حتى ينصرف النساء، ويستحب لهن أن ينصرفن عقب سلامه. هذا كلامه. هذا كلامه، فذكر أن الانتقال عن مكانه عقب السلام، على خلاف ما ذكره المصنف من كونه عقب الدعاء، ولم يتعرض هنا للدعاء إلا فيما إذا كان معه نسوة، إلا أنه- أعني النووي- ذكر قبل ذلك أنه يستحب الذكر والدعاء عقب الصلاة لكل مصل، وهو معارض لما ذكرناه عنه.
ثم قال بعده: فرع: إذا أراد أن ينفتل في المحراب، ويقبل على الناس بالذكر والدعاء وغيرهما- قال البغوي: فالأفضل أن ينفتل عن يمينه. قال وفي كيفيته وجهان:
أصحهما: يدخل في يساره في المحراب ويمينه إلى الناس، ويجلس على يسار المحراب.
والثاني: يدخل يمينه في المحراب ويساره إلى الناس، ويجلس على يمين المحراب.
وقال الإمام: إن لم يصح في هذا تعبد فلست أري فيه إلا التخيير. هذا كلامه، وقد