قوله: وإن نزلت بالمسلمين نازلة قنتوا في جميع الفرائض، وفي قول: لا يجوز.
ثم قال ما نصه: أما إذا لم تنزل نازلة فمفهوم كلام الشيخ: أنه لا يجوز، وهذا ما حكاه الإمام عن شيخه، والغزالي في ((الوسيط)) عن المراوزة، ولم يحك في ((المهذب)) غيره، وعليه نص في ((الأم))، وقال في ((الإملاء)): إن شاء قنت، وإن شاء ترك. حكاه البندنيجي، وهو يقتضي أنه غير مستحب ولا مكروه، قال الرافعي: وهو قضية كلام أكثر الأئمة، ومنهم من يشعر إيراده باستحبابه في جميع الصلوات، قال في ((الروضة)): والأصح استحبابه. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أن ما حكاه عن ((الوسيط)) من النقل عن المروازة غلط، فإنه لا ذكر له في هذه المسألة، وإنا نقل مقابلة عن العراقيين، ثم عبر عن هذا بقوله: وقيل. وقد بين في ((البسيط)) قائله وأنه الشيخ أبو محمد.
الثاني: أن ما حكاه عن ((المهذب)) من عدم الجواز ليس كذلك- أيضًا- فإنه قال: وأما رفع اليد في القنوت فالذي يقتضيه المذهب: أنه لا يرفع.
ثم قال: وأما غير الصبح من الفرائض فلا يقنت فيه من غير حاجة، وإن نزلت بالمسلمين نازلة قنتوا. هذا لفظه، فقوله: فلا يقنت، يحتمل نفي الاستحباب ونفي الجواز على السواء، ويدل عليه: أنه ذكر مثل ذلك في الرفع كما تقدم، والمراد عدم الاستحباب قطعًا، فتلخص أنه لم يثبت التحريم عن أحد ممن نقل عنه سوى الشيخ أبي محمد.
الأمر الثالث: أن ما نقله- رحمه الله- عن الرافعي من أن قضية كلام الأكثرين: أن القنوت في غير النازلة لا يستحب ولا يكره- لغط عجيب، بل في ((الرافعي)): أن قضية كلامهم: أنه لا يجوز، وكذلك- أيضًا- ما نقله عن النووي من تصحيح استحبابه في الحالة التي يتكلم فيها- وهي حالة عدم النازلة- غلط أيضًا، فإنه إنما خالف الرافعي فصحح طريقة القائل بأن الخلاف في استحبابه، وحينئذ فيكون الأصح عنده: أنه إن نزلت نازلة استحب القنوت، وإلا فلا يستحب، لأن الصحيح عنده من الخلاف في أصل القنوت هو هذا التفصيل، والصحيح: أن ذلك الخلاف في الاستحباب، فيلزم ما قلناه. وقد لخص النووي كلام الرافعي، فراجعه يتضح لك ما ذكرته، والعجب هنا من المصنف، فإنه غير كلام الرافعي والنووي تغييرًا فاحشًا، وإن كان في اختصار النووي استدراك نبهت عليه في ((المهمات)).