قوله: ونية الخروج من الصلاة، قيل: تجب، وقيل: لا تجب.
ثم قال ما نصه: التفريع: إن قلنا بالأول فلا يختلف المذهب في أنها ركن. انتهى. وما ذكره من عدم الاختلاف باطل، فقد رأيت في ((العمد)) للفوراني حكاية وجهين في أنها ركن أو شرط، وكذلك في ((الإبانة)) له- أيضًا- فقال في أول الباب الخامس في صفة أعمال الصلاة ما نصه: اختلف أصحابنا في السجدة الثانية والنية واستقبال القبلة ونية الخروج، هل هي من الأركان؟ فعلى وجهين. هذه عبارته.
قوله: فإن أوجبناها لم نشترط تعيين الصلاة، لأنها قد تعينت بالشروع، وعلى الوجهين: لو عين في نيته صلاة غير التي هو فيها عمدًا بطلت صلاته، قال القاضي الحسين: لأنه أبطل ما هو فيه بنية الخروج عن غيره. نعم، لو فعل ذلك سهوًا: فعلى الأول يسلم ثانيًا ويسجد للسهو، وعلى الثاني: لا. وفي ((الرافعي)): أن القول بالبطلان عند التعمد مفرع على القول بالوجوب، أما إذا قلنا: لا يجب، فلا يضر الخطأ في التعيين. انتهى كلامه.
وأوله وآخره يقتضي استغراب ما نقله عن الرافعي من كونه لا يضر الخطأ، أي: تعيين خلاف ما هو عليه إذا لم نوجب النية، وأنه منفرد بذلك، وهو عجيب، فإن الأكثرين قالوا بهذه المقالة، فقد رأيته في ((شرح التلخيص)) للقفال، و ((التهذيب)) للبغوي، ((العدة)) لأبي علي الطبري و ((البيان)) للعمراني. نعم، صححه صاحب ((البحر))، فتبعه عليه، ومعظم الكتب لم تتعرض للمسألة: كـ ((النهاية)) و ((الحاوي)) و ((الشامل)) و ((التتمة)) و ((الاستذكار)) وكتب الفوراني والغزالي وابن عصرون.
واعلم أن ما ذكره من كونه إذا فعله ناسيًا يسجد للسهو ويسلم، لا شك أن محله إذا لم يطل الفصل، وقد رايته مصرحًا به في ((العدة)) للطبري و ((شرح التلخيص)) للقاضي الحسين، ورأيت في ((شرح التلخيص)) - أيضًا- لأبي عبد الله الختن- بالخاء المعجمة- أن الساهي لا يحتاج إلى السجود ولا لإعادة السلام، قال: لأنه فرض أتى به في موضعه، وإنما سها في نيته، فلم يضر كما لو اعتقد أن الثانية ثالثة.
قوله: وقد ذكر الجيلي أن الخلاف في وجوب النية في السلام ينبني على أنه من الصلاة أم لا؟ قال: وفيه قولان: فإن قلنا: إنه منها، أوجبناها، وإلا فلا، والذي رأيته فيما وقفت عليه: أنه من الصلاة عندنا، مع حكاية الخلاف في وجوب النية. انتهى. وهذا الخلاف الذي قد ذكر أنه لم يقف عليه قد ذكره صاحب ((الذخائر)).