واعلم أن ما قاله من عدم تخريج الجمعة على القولين وجزم به، ليس الأمر فيه كما قاله، بل الحكم أنها مخرجة عليهما حتى يكون الصحيح فيها الجواز- أيضًا- كذا جزم به الرافعي في كتاب الجمعة، وتبعه عليه- أيضًا- النووي وقال في ((شرح المهذب)): إنه لا خلاف فيه. ولا شك أن المصنف لم يقف على كلامهما، لكونه في باب آخر، فإنه لو وقف عليه لكان أقل المراتب أن يحكي ما جزم به وجهًا في المسألة إن لم يجزم به كما جزما، أو لم يصححه، ولم يقف- أيضًا- في المسألة على نقل، وإلا لكان يعزوه إلى قائله، فإن عادته أن يعزو ما هو أوضح منه.
قوله: ولو كان بعض المأمومين يؤثر التطويل دون بعض، قال الجيلي: راعى الأكثر، ويحتمل أن يقصر مطلقًا. قلت: وهو الذي يدل عليه الخبر، قال- عليه الصلاة والسلام-: ((إني لأدخل في الصلاة أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه)) أخرجه البخاري. انتهى.
وما ذكره من نقل الترك احتمالًا عن الجيلي فقط، وتقويته بالحديث- مؤذن بعدم اطلاعه في المسالة على نقل، وهو غريب، فقد صرح بالمسالة جماعات، منهم البغوي فقال: وإن رضي بعضهم دون بعض فليخفف، مراعاة لحق الضعيف، قال النووي في ((شرح المهذب)): فإن جهل حالهم، أو كان فيهم من يؤثر التطويل، وفيهم من لا يؤثره- لم يطول، اتفق عليه أصحابنا. هذا لفظه، ثم استدل بالحديث الذي استدل به المصنف، وكلام الرافعي وغيره كالصريح فيه، وفي ((فتاوي)) ابن الصلاح: أنهم لو آثروا التطويل إلا واحدًا أو اثنين، لمرض ونحوه- فإن كان ذلك مرة ونحوها خفف، وإن كثر حضوره طول مراعاة لحق الراضين، قال النووي في ((شرح المهذب)): وهذا التفصيل الذي قاله حسن متعين.
قوله: واحترز الشيخ بقوله: في الأذكار، عن التخفيف في القراءة، فإنه غير مستحب، بل المستحب فيها ما تقدم، وهو: في الصبح والظهر من طوال المفصل، وفي العصر والعشاء من أوساطه، كما قال القاضي الحسين. انتهى كلامه.
واعلم أن اختيار الشيخ- رحمه الله-: أنه لا فرق في التخفيف بين القراءة والأذكار، فقد صرح بذلك في ((المهذب)) فقال: في القراءة والأذكار. هذه عبارته، وحينئذ فيكون اقتصاره هنا على الذكر لأجل أنه صادق على القراءة، ولهذا قال الجيلي في ((شرحه)) لقول الشيخ ((في الأذكار)): كالقراءة. وقال الشيخ تاج الدين