قوله: فإن المحققين من علماء الشريعة لا يقيمون لمذهب أهل الظاهر وزنا، كذا قاله الإمام، وفيه نظر، فإن القاضي الحسين نقل عن الشافعي أنه قال في الكتابة: وإني لا أمتنع عن كتابة عبد جمع القوة والأمانة، وإنما أستحبه، للخروج من الخلاف، فإن داود يوجب كتابة من جمع القوة على الاكتساب والأمانة من العبيد. وداود من أهل الظاهر، فقد أقام الشافعي لخلافه وزنا، واستحب كتابة من ذكره لأجل خلافه. انتهى كلامه.
وما نقله- رحمه الله- عن الشافعي من استحباب الخروج عن خلاف داود قد ذكره القاضي الحسين في هذا الباب، إلا أنه غلط فاحش، فإن للشافعي- رحمه الله- مات في مصر آخر ليلة من رجب سنة أربع ومائتين، وأما داود فإنه ولد بالكوفة سنة اثنتين ومائتين. ونشأ ببغداد وتوفي بها سنة تسعين- بتاء ثم سين- وأخذ العلم عن أصحاب الشافعي، وصنف كتابين في فضائل الشافعي، كذا قاله جماعة منهم النووي في ((تهذيب الأسماء واللغات)).
قوله- نقلًا عن الشيخ-: فإذا بلغ سفره ثلاثة أيام كان القصر أفضل من الإتمام، ويستثنى من كلام الشيخ مسألتان: إحداهما: الملاح الذي أهله وماله معه، لأن أحمد يمنع من القصر الثاني من عادته السفر دائمًا. انتهى ملخصًا.
ويستثنى- مع ما ذكره- صور أخرى:
إحداها: إذا وجد من نفسه كراهة القصر، فالقصر له أفضل، بل يكره له الإتمام إلى أن تزول تلك الكراهة. وكذلك القول في جميع الرخص، كذا ذكره الرافعي، وقد ذكر المصنف هذه المسألة قبل ذلك، ويوهم كلامه أنها من محل الخلاف، وهو باطل، فاجتنب ذلك.
ومنها: كل موضع جرى فيه خلاف في جواز القصر، وهو كثير، وتعليلهم يرشد إليه، فاقتصاره على هذا الفرد عجيب، وذكر المحب الطبري شارح ((التنبيه)) نوعًا ثالثًا، وهو خطأ أوضحته في ((شرح المنهاج)).
قوله- فيما إذا قام في بلد لقضاء حاجة، ولم ينو الإقامة-: إنك إذا جمعت ما قيل من الخلاف واختصرت قلت: في ذلك ثمانية عشرة قولًا ووجهًا، أحدها ... كذا إلى أن قال: والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر: من حاجته غير قتال يقصر أربعة أيام، ومن حاجته قتال يقصر سبعة عشر يومًا، أو ثمانية عشر يومًا، أو تسعة عشر يومًا، أو عشرين يومًا، أو أبدًا، والثامن عشر: يقصر ... إلى آخره.