وما نقله- رحمه الله- عن الشيخ أبي محمد من حكاية الوجه في الإناءين غلط، بل إنما حكاه في المسألة الأخيرة وهي الأواني، فقال في كتاب الحج: مسألة: إذا شك الرجل في النسك الذي أحرم به، فلم يذكر أنه أحرم بحج أو عمرة: فهل يجوز له التحري والاجتهاد، أم لا؟ فعلى قولين.
ثم قال ما نصه: وعلى هذين القولين تنبني مسألة اختلف أصحابنا فيها، وهي أن الجماعة إذا اجتهدوا في أواني حلت في بعضها نجاسة متيقنة، واستعملوها عن آخرها، وأراد بعضهم الاقتداء ببعض في الصلاة- هل يجوز لهم الاقتداء أم لا؟ فعلى وجهين. هذا لفظه في كتابه المسمى بـ ((السلسلة)).
قوله: ولو اختلطت ميتة بمذكيات بلد، أو إناء بول بأواني بلد- فله الأخذ من غير اجتهاد، وإلى متى يأخذ؟ قال في ((البحر)): فيه وجهان، أصحهما [كذا]: إلى أن يبقى واحد، والثاني: إلى أن يبقى قدرٌ لو كان الاختلاط به ابتداء منع الجواز. انتهى كلامه.
ومقتضاه: أن التصحيح المذكور لصاحب ((البحر))، وليس كذلك، فإنه ذكر المسألة قبيل باب المسح على الخفين، ولم ينقل تصحيح ما صححه هنا عن أحد بالكلية، ولا أشار إلى ترجيحه، بل لما حكى الوجه الثاني عبر بقوله: وهذا أوضح- يعني: أقيس- وأجرى على القواعد.
والأمر كما قال، ولا شك أن النووي في ((الروضة)) نقل الوجهين عن الروياني، وأعقبهما بهذا التصحيح المذكور، وعبر بعبارة توهم إيهامًا بعيدًا أن التصحيح للروياني، فاغتر به المصنف، فاعلمه.