وما ذكره من عدم لزوم شيء آخر في هذه المسألة غلط فاحش، بل تلزمه شاة أخرى بلا خلاف، وإن كان المخرج معلوفًا أو مشترى، لأن المال الذي عجل الزكاة عنه نصاب تام، وحينئذ فلا يتوقف إيجاب الشاة الثانية إلا على واحدة فقط، لأن الفرض أنه لم ينقص شيء، وقد وجدت تلك الواحدة، بل إيجاب الشاة الأخرى فيما إذا اشترى وأخرج أو كانت معلوفة، أولى مما إذا أخرج من الذي عنده، لأن الذي عنده والحالة هذه باقٍ على حاله، بخلاف ما إذا أخرج من الذي عنده، فإنه قد نقص حسًا، ولهذا لم يجعل أبو حنيفة له أثرًا، وأصحابنا يقولون: لا أثر للنقصان الحسي، ويجعلون المخرج كالمقدر على ملكه، فظهر أنه سهو.
وأما نقله ذلك عن القاضي حسين فغلظٌ سببه الانتقال من مسألة على مسألة، فإن القاضي قال: والمعجل عندنا يقع عن الفرض، وعند أبي حنيفة يقع عن النفل، فلو عجل شاة في مائة وعشرين، ثم نتج واحدة- فعندنا: يلزمه أن يعطي شاة أخرى، وعنده: لا يلزمه، لأن عندنا المعجل مضموم إلى ملكه حكمًا. ولو كان له مائتا شاة، فعجل شاتين منها، ثم نتجت واحدة عند آخر الحول- أخرج شاة أخرى. وكذلك لو عجل من ألف شاة عشر شياه، ثم تلفت وبقي أربعمائة إلا عشرة- يضم المؤدى إلى ما عنده حتى تصير أربعمائة، ونوجب عليه أربع شياه، وله أن يسترد ست شياه. هذا كله إذا عجل من عين النصاب الذي انعقد عليه الحول، فأما إذا كان له مائة وعشرون شاة إلا واحدة، فاشترى شاة، وأعطى إلى المساكين، أو كان له شاة معلوفة فأعطاها إلى المساكين، ونتجت واحدة عند الحول- لا نوجب عليه شاة أخرى، لأن المعجل لم يكن مما انعقد عليه الحول، ولو بقي ذلك في ملكه لم يكن مضمومًا إلى ما عنده حتى نوجب عليه شاتين.
هذا كله كلام القاضي الحسين، وهو صحيح: فأما ما ذكره في المسالة الأخيرة فواضح، لأنه فرضها في مائة وتسعة عشر، وحينئذٍ فلا يتأتى ضم المخرج إلى ما عنده، وأما تعبيره قبل ذلك بقوله: هذا كله إذا عجل من عين النصاب، فلأنه قد ذكر قبل ذلك ما إذا ملك ألفًا فعجل عنها عشر شياه، ثم تلفت ولم يبق منها إلا ثلاثمائة وتسعون، فإنه لابد من التفصيل الذي ذكره، وذلك لأنه إن أخرج من عينها فالمخرج كالباقي عنده، فيكون عند حولان الحول كأنه مالك لأربعمائة فيجب عليه أربع شياه، ويسترد ستًا وإن أخرج مما لم ينعقد عليه الحول فلا يجب عليه إلا ثلاث شياه، لأنها