قوله: ويجوز أن يدفع الزكاة إلى الإمام، لأنه نائب المستحقين. نعم، هل له المطالبة بها بأن يقول له: إما أن تدفع بنفسك، أو تدفع لي حتى أوصلها لهم؟ قال الرافعي: فيه وجهان في بعض الشروح. وهذا الكلام من الرافعي يقتضي فرض الخلاف في حالة امتناع رب المال من الدفع، والمتولي ذكر الوجهين في حق من علم الإمام أنه يخرج الزكاة. انتهى.
وما توهمه من فرض الرافعي الوجهين عند الامتناع، عجيب سبقه إليه النووي- أيضًا- ولعله الذي أوقعه فيه، بل حاصل كلام الرافعي فرض المسألة فيما إذا كان المالك يؤديها لكن لا بنفسه، بل بوكيله، ولهذا عبر بقوله: إما أن تدفع بنفسك، فتأمله. وقد بسطت المسألة في ((المهمات)) فراجعها في الكلام على الأموال الباطنة.
وفي الأفضل ثلاثة أوجه، أحدها: أن يفرق بنفسه، والثاني: أن يدفع إلى الإمام وإن كان جائزًا، لما روى مسلم عن جرير بن عبد الله قال: جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن ناسًا من المصدقين يأتوننا ليظلمونا، فقال أرضوا مصدقيكم. انتهى.
وهذا إنما هو استدلال على الأموال الظاهرة، وكلامه في الباطنة.
قوله: وقال بعضهم: إن زكاة الفطر من الأموال الظاهرة، ونقله الماوردي عن الأصحاب. انتهى.
لكن الماوردي اختار مع ذلك خلافه، فتفطن له، فإذا المتبادر إلى الذهن من هذا الكلام غيره.
قوله: أما الصبي والمجنون فينوى عنهما الولي وجوبًا، لأن المؤدى عنه ليس أهلًا للنية، ومساق التعليل يقتضي منع إلحاق السفيه بهما، لأنه من أهل النية، وفي الاعتداد بنيته نظر. انتهى كلامه.
وهذه المسألة التي توقف فيها فيها ولم يظفر فيها بنقل قد صرح بها الجرجاني في ((الشافي))، فقال- بعد أن ذكر وجوبها على الصبي والمجنون والسفيه-: ويخرجها الولي عنهم وينوي لهم. هذه عبارته، وصرح بها- أيضًا- النووي في ((شرح المهذب)) فقال: إن ولي الثلاثة يلزمه النية بالاتفاق، فلو دفع من غير نية لم تقع الموقع، وضمن، صرح به ابن كج والرافعي وغيرهما. انتهى. مع أن الرافعي لم يذكر