ذلك فكلام المصنف يقتضي أنه لم يظفر بالتصريح بها في كلام أحد، وهو غريب، فقد صرح الروياني في ((البحر)) بعدم الصحة كما اقتضاه كلام الشيخ.
ثم قال: وليس على أصلنا صوم نفل لا يجوز إلا بنية من الليل إلا هذا. ذكره في آخر الباب. وجزم به- أيضًا- النووي في ((شرح المهذب))، ونقل ابن أبي الدم في ((شرح الوسيط)) ما أشعر به كلام الشافعي فقال: لا يقع على رمضان بلا خلاف، وفي وقوعه نفلًا وجهان، كالمسافر نوى صوم في رمضان. انتهى. فتحصلنا على ثلاثة أوجه.
قوله: ويصح النفل بنية قبل الزوال، لما روى مسلم عن عائشة قالت: دخل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فقال:((هل عندم شيء؟)) فقلنا: لا، فقال:((فإني إذن صائم))، ثم أتانا يومًا آخر، فقلنا: يا رسول الله أهدي لنا حيسٌ، فقال:((أرنيه، ولقد أصبحت صائمًا))، ثم أكل. انتهى.
وما ذكره من رواية مسلم لهذا الحديث غلط، بل رواه البيهقي والدارقطني وقالا: إسناده صحيح. وبعض ألفاظه مخالف للمذكور هنا.
قوله: وهل يصح النفل بنية بعد الزوال؟ فيه قولان.
ثم قال: وحكى القاضي الحسين عن القفال أنه كان يبني هذا الخلاف على أصل آخر مقصود في نفسه، وهو أنه إذا نوى قبل الزوال فمن أي وقت يصير صائمًا؟ وفيه وجهان: فإن قلنا: يكون صائمًا من أول النهار، لم تجزئه النية بعد الزوال، لأنه لم ينو في معظم النهار، وإن قلنا: يصير صائمًا من وقت النية، صحت نيته بعد الزوال، وهذا فيه نظر من وجهين، أحدهما: أن الخلاف المذكور قولان، فكيف يمكن بناؤهما على وجهين أو على قولٍ ووجه؟! الثاني: أن الرافعي ... إلى آخر ما قال.
واعلم أن ذكره لهذا النظر وسكوته عليه غريب، فإن هذا النظر قد تكرر إيراد الرافعي له، والمصنف يجيب عنه حيث أورده، منها: في الباب الذي قبل هذا وهو زكاة الفطر، في الكلام على ما إذا تزوجت بعبد أو حر معسر، فقال في الجواب: الوجهان مخرجان على أصول الشافعي، وحينئذ فلا يمتنع بناء قوليه على أصليه. هذا لفظه، فإن كان صحيحًا فلا يحسن ذكر الاعتراض هاهنا، ولاسيما على أنه من جهته، وإن لم يكن صحيحًا ورد عليه في الجواب.
قوله: وإذا عرفت ذلك عرف أن النية الكاملة في رمضان أن ينوي صم الغد من أيام شهر رمضان هذه السنة أداء لله تعالى. انتهى.