((الوسيط))، وكأن المصنف أخذ ما ذكره من ((الإقليد)) وهو شرح ((التبنيه)) للشيخ تاج الدين الفركاح، فإنه قال: يستحب في أول غسل الكفين اقتران النية والتلفظ بالتسمية، فتجتمع الثلاثة- وهي: القصد، والنطق، والفعل- في وقت واحد. هذا كلامه، وهو مدفوع بما ذكرته، والرجل قليل الخبرة بالمذهب، وولده أمثل منه فيه، فمن جهل نص إمامه وكلام مشاهير أصحابه في أشهر كتبه وكتبهم، في مسألة من أوائل الفقه- كيف حاله في غير ذلك؟!
قوله: نعم، إتيان الشيخ بالواو بين المضمضة والاستنشاق يعرفك أن تقديم المضمضة على الاستنشاق ليس شرطًا في تأدية السنة، وهو وجه في المسألة مع إجزائه يشترط إذا قلنا: إنه يفصل بغرفتين كما قاله الإمام، أو بست غرفات كما قال الرافعي وجعله أظهر، والماوردي أطلقهما. انتهى كلامه.
وما نقله عن الرافعي من اختصاص الوجهين بما إذا فرعنا على أنه يفصل بست غرفات غلط، فإن حاصل كلام الرافعي جريانهما مطلقًا، سواء قلنا يفصل بغرفتين أو بست، فإنه حكى أولًا قولين في أنه هل يفصل أو يجمع.
ثم قال ما نصه: فإن قلنا بالفصل ففي كيفيته وجهان:
أصحهما: أنه يأخذ غرفة يتمضمض منها ثلاثًا، وغرفة أخرى يستنشق منها ثلاثًا، لأن علي بن أبي طالب كذلك رواه.
والثاني: أنه يأخذ ثلاث غرفات للمضمضة وثلاثًا للاستنشاق، لأنه أقرب إلى النظافة وأيسر. ثم على هذا القول تقدم المضمضمة على الاستنشاق، وهذا التقديم مستحق على أظهر الوجهين. هذا لفظ الرافعي بحروفه، وهو يبين لك أن المذكور في الكتاب سهو، وكان سببه: أن الرافعي لما ذكر الوجهين عقب الوجه القائل بالست توهم عودهما إليه، ذاهلًا عن تعبير الرافعي بقوله:((ثم على هذا القول))، فإنه صريح في أن مراده قول الفصل، وأما الفصل بست فإنه وجه لا قول.
واعلم إن إمام الحرمين لم يحك على قول الفصل إلا الفصل بغرفتين فقط، ولم يذكر الفصل بست، فحكايته للوجهين في اشتراط التقديم- تفريعًا على أنه يفصل بغرفتين- ليس لمعنى في الغرفتين دون الست، كما دل عليه نقله عن الرافعي في عكسه، بل لأن الإمام لم يحك إلا ذلك، فاعلمه.
قوله- بعد حكاية قول الفصل والجمع-: وهذا الخلاف في الأفضل بلا خلاف، حتى لو تمضمض واستنشق كيف كان أدى سنتهما. انتهى.