وصححوا فيمن ظن الفطر فأكل أنه يفطر، كذا ذكره الرافعي في أواخر الكلام على وجوب الكفارة بالجماع.
الأمر الثاني: أن إطلاق نقل هذا التصوير عن العلماء غريب، فإنه لا يعرف إلا لبعض المصنفين المتأخرين، وقد نقله هو كذلك في الموضع الذي هو مظنة بسط المسألة وهو كتاب الصيام، فقال ثم: صورة الجهل المؤثر في عدم بطلان الصوم: أن يقدم على ذلك، لكونه حديث عهد بالإسلام، أو نشأ في بادية بعيدة، كما قاله البغوي، وتبعه الرافعي. وبعض المتأخرين صوره بما إذا أكل ناسيًا أو اغتاب، فظن أنه أفطر بذلك فتعاطى المفطرات. هذا لفظه، على أن هذا السؤال الذي ألجأ المصنف إلى ما ألجأه هو إليه من هذا التصوير الباطل وغيره جوابه ظاهر جدًا، وهو أن جهل الأشياء الغريبة عند العوام كابتلاع الحصاة ونحوه، وكالأشياء المختلف فيها عندنا كجمع الريق وابتلاعه ونحوه، والتوقف في هذا وأمثاله مما لا رجحان فيه، بعد الجزم بنية الإمساك عن الأكل والشرب ونحوهما- لا يقدح بلا شك، وإلا لزم بطلان صوم المجتهد بتوقفه في هذه الأمور، وكذلك المقلد، للاختلاف في كثير من المسائل في كل مذهب اختلافًا لا ترجيح فيه بالكلية أو عن الناوي إذ ذاك.
قوله: ويكفيه أن ينوي الاعتكاف إن كان متطوعًا به، ويقيم ما شاء الله، قال الإمام: وكان شيخي يتردد في مثل هذه الصورة في الصلاة، ويقول: إذا نوى المتطوع الصلاة ولم يربط قصده بأعداد من الركعات، فالوجه: تصحيح ركعة وركعتين وثلاث وأربع إن اقتصر عليها، فأما المزيد فلم يرد فيه ثبت على الاسترسال، ففيه نظر. انتهى.
وقول المصنف: في مثل هذه الصورة في الصلاة، يقتضي أن التردد ليس في الاعتكاف، بل خاص بالصلاة، وهو خلاف ما ذكره الإمام، فإن الإمام قد أدخل واو العطف على قوله: في الصلاة، فقال:((في مثل هذه الصورة وفي الصلاة))، فنسي المصنف ذكرها، فلزم تغيير الحكم، وقد وقع على إثبات الواو في اختصارها الشيخ عز الدين فقال: تردد أبو محمد في هذا وفيمن أطلق نية الصلاة.
قوله: ولو نذر أن يعتكف يومًا هو فيه صائم لزمه الاعتكاف في أيام الصوم، سواء كان صائمًا لأجل الاعتكاف أو لغيره، وهذا مما لا خلاف فيه، صرح به الرافعي. وإن قال: لله علي أن أعكف يومًا صائمًا إن شفى الله مريضي، فشفاه الله- تعالى- لزمه اعتكاف يوم وصيام يوم بلا خلاف، لكن هل يتعين صوم يوم الاعتكاف، للخروج عن موجب النذر، حتى لو اعتكف بغير صوم أو صام بدون اعتكاف لا يجزئه، أو لا