وهو يقتضي أن صاحب ((التتمة)) و ((العدة)) جعلا الخلاف قولين، أو ترددا بين القولين والوجهين، وليس كذلك، ففي ((الرافعي)) عنهما: أنهما جعلاه وجهين، وهو كذلك في ((التتمة)) - أيضًا- وأما ((العدة)) فالمراد بها ((عدة)) أبي المكارم الروياني ابن أخت صاحب ((البحر))، ولم أظفر أنا ولا المصنف- أيضًا- بهذا التصنيف، لكن في ((الرافعي)) عنه ما ذكرته، وإنما نقل المصنف عنه منه.
قوله: وحكى القاضي الحسين عن النص: أن له أن يصلي على الجنازة، وأجرى في ((التتمة)) الوجهين فيها أيضًا.
ثم قال ما نصه: وقال في ((التهذيب)): إن كانت متعينة فلا بأس، وإلا فوجهان، أظهرهما: الجواز. انتهى كلامه.
وهذا الذي نقله- رحمه الله- عن ((التهذيب)) غلط منه عليه من وجهين، فإن المذكور في ((التهذيب)) عكس ذلك بلا تصحيح- أيضًا- فإنه قال ما نصه: ولو صلى على جنازة في الطريق بطل اعتكافه إن لم يتعين، وإن تعين ففيه وجهان. هذا لفظ البغوي بحروفه.
واعلم أن الرافعي قد غلط- أيضًا- على البغوي فقال: ولو صلى في الطريق على جنازة فلا بأس إذا لم ينتظرها ولا أزور عن الطريق، وحكى صاحب ((التتمة)) فيه الوجهين، وقال في ((التهذيب)): إن كانت متعينة فلا بأس، وإلا فوجهان، والأول أظهر. هذا كلام الرافعي، فوقع المصنف في نسبة عكس ما قاله إليه تقليدًا للرافعي، وفي دعوى أنه جعل الأظهر الجواز، للإيهام الذي حصل في آخر كلام الرافعي حيث قال:((والأول أظهر))، فإنه من كلام الرافعي، مشيرًا بذلك إلى الطريقة، فتوهم المصنف أنه من تتمة كلام البغوي، فصرح هو به، وهذه آفات النقل عن المتأخرين، ولأجل ذلك عنيت بجمع كتب الشافعي وكتب الأقدمين حسب الطاقة، فرارًا من التقليد، وبالجملة فهذه الطريقة لا ثبوت لها، فإني لم أظفر بها بعد الكشف التام.
قوله- في المسألة-: ولو عرج في طريقه لأجل عيادة المرضى يسيرًا فوجهان حكاهما البغوي والمتولي- أيضًا- وأصحهما: القطع، لأنه تشاغُلٌ يسير لغير قضاء الحاجة. انتهى كلامه.
وما ذكره من أن البغوي قد حكى الوجهين غلط، وإنما قطع بالبطلان فقال: لو مكث عنده ساعة، أو احتاج إلى العدول عن الطريق أو الوقوف للاستئذان- بطل. هذا لفظه.