للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحج أما إذا فاته ذلك، فلفوات الوقت، وأما إذا وقف وهو مغمى عليه، فلخروجه عن أهلية العبادة، وهذا ما أورده الغزالي في ((الوسيط))، موجهًا له بما ذكرناه، وصححه في ((الروضة)).

ثم قال: ويؤخذ من كلام الشيخ: أنه إذا وقف وهو مجنون فقد فاته الحج من طريق الأولى، لأنه أسوأ حالًا من المغمى عليه، وقد قيل فيهما: إنه يتم حجهما- أيضًا- وهو الذي ذكره القاضي الحسين في المغمى عليه، ولأجله اقتضى إيراد البغوي ترجيحه فيه وصححه الرافعي. انتهى.

اعلم أن الكلام في وقوفه المغمى عليه من وجهين:

أحدهما: أنه هل يكون محصلًا للحج، أو لا يحصله، بل يكون كمن لم يقف بالكلية؟

الوجه الثاني: أنه على تقدير حصوله هل يغني عن حج الفرض، أو يقع نفلا؟ فأما الأول- وهو حصول الحد- فإن فيه وجهين: أحدهما:

أنه لا يحصل، وهو الذي جزم به صاحب ((التنبيه))، ونص عليه الشافعي في ((الإملاء)).

والوجه الثاني- وهو الذي نقله الرافعي عن صاحب ((التتمة))، ولم ينقل خلافه، ولم يعترض عليه-: أنه يحصل، وتابعه على ذلك النووي في ((الروضة)) و ((شرح المهذب))، إلا أن الذي تكلم فيه صاحب ((التتمة) ونقله عنه الرافعي والنووي: إنما هو في وقوف المجنون، غير أنه إذا ثبتت الصحة فيه ثبتت في المغمى عليه بطريق الأولى.

وأما الثاني- وهو الصحة بمعنى الوقوع عن الفرض- فحكى الرافعي فيه وجهين، وصحح أنه لا يحصل، فقال ما نصه: الرابعة: لو حضر وهو مغمى عليه لم يجزئه، لفوات أهلية العبادة، ولهذا لا يجزئه الصوم إذا كان مغمى عليه طول نهاره، وفيه وجه: أنه يجزئه اكتفاء بالحضور، ولو حضر مجنونًا لم يجزئه، قال في ((التتمة)): لكن يقع نفلا كحج الصبي الذي لا يميز. هذا كلامه، وإذا ظهر لك ما قلناه علمت أن في كلام المصنف غلطًا من وجهين:

أحدهما: في نقله عن ((الروضة)) تصحيح الفوات في حق المغمى عليه، فإن فيهما الجزم بعكسه كما تقدم.

والثاني: في نقله عن الرافعي تصحيح الإجزاء في المجنون، فإن الصحيح فيه

<<  <   >  >>