للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استفدنا من نصه في ((الإملاء)): أن استحباب جمع التأخير شرطه أن يريد مزدلفة، فإن لم يرد الدخول إليها فلا يستحب له هذا الجمع، وهي مسألة حسنة ومتجهة من جهة المعنى، لأن المستحب لمن كان في المنزل في وقت الأولى أن يقدم الثانية إليها، وإنما تركنا هذا، التأخيره- عليه الصلاة والسلام- ليجمع في مزدلفة، فيبقى فيما عداه على الأصل.

قوله: والمنقول عن الشافعي: أنه كره أخذ الحصى من ثلاثة مواضع: من المسجد، والحش، والمرمى. انتهى كلامه.

أهمل موضعًا رابعًا نقص الشافعي على كراهة أخذه منه- أيضًا- وهو الحل، وقد صرح بنقل هذه الأربعة عنه وعن الأصحاب- أيضًا- النووي في ((شرح المهذب)) في الكلام على المبيت بمزدلفة.

واعلم أن التقييد بالحش لا معنى له، بل يكره الأخذ من كل موضع نجس، كذا رأيته في ((الأم))، وهو واضح، ولك أن تقول: إذا غسل هذا الحصي المأخوذ من الموضع النجس فهل تزول كراهة الرمي، لصيرورته طاهرًا، أم الكراهة باقية، لأخذه إياه من مكان مستقذر؟ فيه نظر، والثاني يؤيده استحبابهم غسل الجمار قبل الرمي بها، سواء أخذها من موضع نجس أم لا، وحينئذ فلو لم تبق الكراهة لكان يلزم ألا يصح قولهم: يكره الرمي بها، مع قولهم: يستحب الغسل، فتفطن لذلك!

والحش- بفتح الحاء المهملة وبالشين المعجمة-: هو المرحاض، وأصله في اللغة: البستان، وإنما سمي هذا بذلك، لأنهم كانوا يقضون حاجتهم في البساتين قبل اتخاذ هذه المراحيض المعدة لذلك.

قوله: وكذا قوله النووي في ((الروضة)): إن الذي نص عليه الشافعي فيما إذا حصل بمزذلفة في النصف الأخير: أنه حصل له المبيت، وحكى قولًا ضعيفًا عن نصه في ((الإملاء)) و ((القديم)): أنه يحصل بساعة بعد نصف الليل وطلوع الفجر. انتهى كلامه.

والقولان اللذان حكاهما عن ((الروضة)) قد غلط في حكايتهما غلطًا أداه إلى اتحاد القولين، فإن الصواب في حكاية الثاني: أن يقول: من طلوع الشمس، لا: طلوع الفجر، فإنه قال: لو لم يحضر مزدلفة في النصف الأول، وحضرها ساعة في النصف الثاني- حصل المبيت، نص عليه في ((الأم))، وفي قول ضعيف نص عليه في ((الإملاء)) والقديم: يحصل بساعة بين نصف الليل وطلوع الشمس، وفي قولٍ: يشترط معظم الليل. هذا لفظه.

<<  <   >  >>