التنبيه)) فقلده فيه، والترمذي لم يذكر فيما رواه عن زيد بن ثابت أن ذلك كان بسؤال المحتاجين، ولفظه: عن زيد بن ثابت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((نهى عن المحاقلة والمزابنة، إلا أنه قد أذن لأهل العرايا أن يبيعوها بمثل خرصها)).
قال أبو عيسى: هذا حديث ثابت. ثم رواه عنه من طريق آخر.
ثم قال: وهذا أصح من الأول. ورواه- أيضًا- من طريق ثالث عنه، ولفظه:((أرخص في بيع العرايا بخرصها))، ثم قال: هذا حديث حسن صحيح.
وقال: ومعنى هذا عن أهل العلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد التوسعة عليهم في هذا، لأنه شكوا إليه، وقالوا: لا نجد ما نشتري من الرطب إلا بالتمر، فرخص لهم فيما دون خمسة أوسق أن يشتروها فيأكلوا رطبًا. هذا كلام الترمذي، وقد ذكره المصنف في المطلب على الصواب.
قوله: والأصل في تقرير هذه القاعدة- أي قاعدة ((مد عجوة)) - ما روى مسلم عن فضالة بن عبيد أنه قال: أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر بقلادة فيها خرز مغلفة بذهب ابتاعها رجل بتسعة دنانير أو بسبعة، فقال- عليه الصلاة والسلام-: ((لا، حتى تميز بينه وبينها)) فقال: إنما أردت الحجارة، فقال- عليه الصلاة والسلام-: ((لا، حتى تميز بينهما)) قال فضالة: فرده حتى ميز بينهما. انتهى كلامه.
واعلم أن قوله في الحديث:((إنما أردت الحجارة ...)) إلى آخره. فيه دلالة على بطلان العقد- أيضًا- إذا كان المقصود هو الجنس الآخر، وهو حجة لنا على أبي حنيفة في تجويز العقد والحالة هذه. إذا علمت ذلك، فاعلم أن هذه الزيادة لم يخرجها مسلم في صحيحه، فإنه روى الحديث بن عبيد من ثلاث طرق دون الزيادة المذكورة، وبغير هذا اللفظ أيضًا:
أحدها: قال: أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بخيبر بقلادة فيها خرز وذهب- وهي من الغنائم- تباع فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده، ثم قال لهم - صلى الله عليه وسلم -: ((الذهب بالذهب وزنًا بوزن)) هذا لفظ مسلم.
والطريق الثاني والثالث بمعنى ذلك.
وأما الحديث الذي رواه المصنف فرواه أبو داود بلفظه وبزيادته، ولم يضعفه، فيكون حسنًا أو صحيحًا على ما علم من شرطه.