والرابع: أنه إن كانت قيمة الأرض أكثر فهو واحد، وإن كانت قيمة البناء أكثر فهو فاقد، وأن الحكم فيما لو وهب لولده أرضا كذلك. قال الرافعي: وأنت إذا تأملت هذا الكلام، بعد وقوفك على المذهب المعتمد، وتصفحك عن كتب علمائنا، ورأيت ما بينهما من المخالفة الصريحة- قضيت العجب منه، وقلت: ليت شعري من أين أخذت هذه الأقوال! انتهى كلامه.
واعلم أن نقله لإنكار الرافعي وسكوته عليه دليل على موافقته للرافعي في الإنكار، وأنه لم يظفر بالأقوال التي نقلها الإمام، وليس كذلك، بل الأقوال ثابتة، وقد تفطن في ((المطلب)) إلى الصواب، فقال: أما القول الثالث والرابع فلا إشكال فيهما، وقد حكاهما الرافعي. قال: وأما الأول فقد نقله القاضي حسين في ((تعليقه))، فإنه نقل قولا في منع رجوع الواهب بعد الغراس أو البناء، وقال- أي القاضي-: إنه مثل قوله في المفلس إذا غرس وبنى: لا يرجع بائع الأرض فيها، فثبت القول بمنع الرجوع على الإطلاق. ثم إن ابن الرفعة أيده وقواه بأن المشتري بنى في ملكه الذي لا خيار فيه، بخلاف الموهوب له والمستعير ومشتري الشقص. وأما القول الثاني فقد حكاه ابن سريج كما مر، ونقله المحاملي وغيره. وقد ذكر- أيضًا- في ((الكفاية))، ثم سلك في ((المطلب) مسلكا آخر في الجواب عن الإمام، فقال: إذا امتنع المفلس والغرماء من القلع، والبائع من بذلك القيمة وأرش النقص- جاءت الأقوال. وكلام الرافعي مشتمل عليها، فتأمله، وحينئذ فلا اعتراض على الإمام إلا من جهة الإطلاق، فإذا حملنا كلامه على هذا اندفع الاعتراض منه.