الحوالة معاوضة، فإن قلنا: إنهاء استيفاء الحق، فتجوز الحوالة بمال الكتابة، سواء أحال المكاتب السيد على رجل له عليه دين، أو أحال السيد رجلا على المكاتب. هذا لفظه، ذكره بعد نصف الباب بقليل.
قوله: وقيل إذا قلنا: إنهاء استيفاء، جاز أن يحيل بالحال عن المؤجل، وبالمؤجل إلى شهر عن المؤجل إلى أكثر منه، وبالصحيح عن المكسر، وبالجيد عن الرديء، ولا يجوز العكس.
وفي ((الوسيط)) عكس هذا، فإنه قال: كل ما يمنع الاستيفاء، إلا بمعاونة تمتنع الحوالة فيه. ولو كان لا يمنع الاستيفاء، بل يجب القبول، ولا يشترط رضا المستحق به: كتسليم الصحيح عن المكسر، والأجود عن الرديء، والحال عن المؤجل في بعض الأحوال- جازت الحوالة به وإن كان يفتقر إلى الرضا المجرد دون المعاوضة، ففيه وجهان، وهذا ما حكاه الإمام عن شيخه. انتهى كلامه.
وما توهمه من أن كلام ((الوسيط)) على العكس من ذلك الوجه ليس كذلك، فإن حاصل ذلك الوجه: أن الدين المحال عليه إذا كان أجود صفة من المحال به، جازت الحوالة، وسببه- كما قال الرافعي-: أنه يجوز للمحيل إعطاؤه، فإذا أحال المؤجل مثلًا على الحال، فقد عجل. وكلام الغزالي يوافق الوجه، فإنه ذكر ثلاثة أقسام:
الأول: ما يتوقف على المعاوضة لاختلاف الجنس، ولا كلام فيه.
والثاني: ما لا يتوقف عليها، بل ولا على الرضا من المستحق كتسليم الصحيح عن المكسر، فتجوز الحوالة، فإذا لزمه مكسر فأحال بصحيح عنه جاز، وهو الذي جزم به الغزالي هو الوجه المتقدم. وقد تقدم تعليله عن الرافعي.
والثالث: ما يتوقف على الرضا دون المعاوضة، كما لو لزمه صحيح، فأحال عنه بمكسر- ففيه وجهان. هذا ما قاله الغزالي، وحاصله: أنه جزم بذلك الوجه، وذكر معه وجهين في حوالة الأجود على الأردأ ونحوه، وأما ما ادعاه من أن في ((الوسيط)) عكس ذلك الوجه حتى يحال بالجيد على الرديء مثلًا دون العكس، فلا ذكر له في ((الوسيط)) ولا في غيره.
قوله: وإذا قال لمن له عليه دين: أحلتك على فلان، فقبل، ثم اختلفا، فقال: أردت الوكالة، وقال المحتال: بل أردت الحوالة- فالصحيح، وبه قال المزني: أن القول قول المحيل.
ثم قال: فإن قلنا بقول المزني، فإن كان المحتال لم يقبض الحق بعد، لم يكن له