للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: وخرج ابن سريج قولًا بجواز تعليق الضمان، فعلى هذا: لو قال: إذا بعت عبدك لفلان بألف فأنا ضامن للثمن، فباعه منه بخمسمائة- فعند صاحب ((التقريب)): يكون ضامنًا لها، وعند ابن سريج: لا. ثم قال: قلت: وقد حكى الإمام عن ابن سريج في أواخر هذا الباب: أن رجلًا لو ادعى أن فلانًا ضمن لي ألف درهم، وأقام شاهدين: شهد أحدهما أنه ضمن ألفا، والآخر أنه ضمن خمسمائة- فالألف لا تثبت، وهل تثبت الخمسمائة؟ فعلى قولين خرجهما ابن سريج، وكان يتجه أن يخرج مثلهما هاهنا. انتهى كلامه.

وما حاوله- رحمه الله- من تخريج الأولى على هذا الخلاف سهو، فإن الحكم المذكور فيها- أعني في الأولى- مفرع على صحة التعليق، والمعلق عليه هو البيع بألف، ولم يوجد، فلذلك جزم ابن سريج بأنه لا يكون ضامنًا لشيء، وهذا المعنى غير موجود في مسألة الشهادة.

قوله: قال: وإن أحاله على من لا دين له عليه، أي: وصححناها- لم يرجع في الحال، لأنه لم يغرم شيئًا.

قال: حتى يدفع إليه المحال عليه، ثم يرجع على الضامن فيغرمه، ثم يرجع الضامن على المضمون عنه، لأنه حينئذ غرم بإذنه.

وهذا من الشيخ تفريع على أن هذه الحوالة لا تحصل براءة ذمة المحيل في الحال.

فإن قلنا بالبراءة لم يشترط دفع المحال عليه، بل يشترط رجوع المحال عليه على المحيل الذي هو الضامن. انتهى كلامه.

واعلم أن الشيخ قد صحح في باب الحوالة: أن الحوالة على من لا دين عليه غير صحيحة، واقتضى كلامه أن إذا صححناها برئت ذمة المحيل كما نقله عنه المصنف هناك، وحينئذ فيصير تقريره هنا لكلام الشيخ مخالفًا للمذكور هناك من وجهين، وهما: جزمه بصحة الحوالة، وبعدم البراءة، ولنا عن هذا كله مندوحة، فإن الشيخ هنا لم يتعرض لصحة الحوالة ولا لبطلانها، والحكم الذي ذكره لا يتوقف على صحتها، لأن ما وقع إذن في أداء الدين، والإذن فيه كافٍ في استحقاق الرجوع إذا وقع الأداء، فيكون قد صحح هناك بطلانها، وفرع هنا على ما صححه هناك، وهذا أصوب من التقرير الذي ذكره المصنف، فإنه واضح جلي لا تناقض معه.

قوله: وإن غاب المكفول إلى موضع معلوم لم يطالب به حتى يمضي زمان يمكن

<<  <   >  >>