الرافعي أولا نقل عن الإمام وحده: أنه لا يباع إلا بعد الإعسار ثم استدرك عليه، فقال: إن قياس المذهب هو البيع مطلقًا. وهذا اللفظ لا يقال فيه: إنه احتمال، ولا: إنه له، بل بيان لحكم المسألة، ولأجل ذلك جزم به في ((المحرر)).
قوله: أما لو وضع الميت في القبر ولم يدفن، فكلام الرافعي يقتضي منع الرجوع في هذه الحالة، فإنه قال: وله الرجوع قبل الحفر وبعده ما لم يوضع فيه الميت.
ثم قال: وقال المتولي: له الرجوع، ومؤنة الحفر في هذه الحالة على ولي الميت، ولا يلزم المعير الضمان. وكلام الإمام يقتضي ما ذكره المتولي. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ادعاه من أن كلام الرافعي يقتضي امتناع الرجوع بعد الوضع ليس كذلك، فإن الرافعي عبر بقوله: فله الرجوع قبل الحفر وبعده ما لم يوضع الميت، قال في ((التتمة)): وكذا بعد الوضع ما لم يواره التراب. هذا لفظه، وحاصله: امتناع الرجوع في المسائل الثلاث، إلا أن الأوليين لم ينقلهما عن أحد، لوضوحهما، وأما الثالثة فلما لم يجدها إلا لصاحب ((التتمة)) نقلها عنه، ولم يصرح بموافقته ولا مخالفته. نعم، خالفه في ((الشرح الصغير)) فصحح امتناع الرجوع.
الأمر الثاني: أن هذا النقل المذكور عن ((التتمة)) في وجوب الضمان على الولي غلط وقع من الرافعي، فتبعه عليه المصنف، والمذكور في ((التتمة)) هو الجزم بوجوبه على المعير، فإنه قال: فرعان: أحدهما: إذا رجع في العارية بعد الحفر قبل الدفن غرم لولي الميت مؤنة الحفر، لأنه بإذنه له في الحفر أوقعه في التزام ما قد التزم من المؤنة، وفوت عليه مقصوده لمراعاة مصلحة نفسه، فلو لم تلزمه الغرامة لأدى إلى الإضرار به. هذا لفظ المتولي بحروفه.
قوله: وفيما سوى الإعارة للدفن يرجع فيه متى شاء. انتهى.
أهمل مسألة أخرى، وهي ما إذا كفن أجنبي ميتًا، فإن الكفن باق على ملك الأجنبي في أصح الوجهين، كما ذكره في ((الروضة)) من ((زوائده)) في كتاب السرقة. وإذا قلنا بالصحيح، فقال في ((الوسيط)) في باب الوصية: إنه يكون عارية. وقال في السرقة: إنه من العواري اللازمة. وذكر الرافعي معنى هذا- أيضًا- هناك.
ولو أراد الصلاة المفروضة، فأعارة ثوبًا ليستر به عورته، أو ليفرشه في مكان