ونسبة هذه المقالة إلى صاحب ((التقريب)) سهو، إنما هو صاحب ((التلخيص))، فإن المصنف قد أخذ هذا الكلام من الرافعي، والرافعي قد نقله كما ذكرته لك، فقال: ويجوز أن يعلم- بالواو- لأن في ((أمالي)) أبي الفرج السرخسي أن صاحب ((التلخيص)) قال: إذا كان ما يقابل الشقص مما لا يثبت في الذمة بالسلم ولا بالقرض فلا شفعة فيه، لأنه تعذر أخذه بما ملك به المتملك. وهو غريب. هذا لفظ الرافعي بحروفه، وهو لفظ المصنف، وبه يعلم أنه أخذه منه، وأيضًا: فإن المصنف لم يقف على كتاب السرخسي، وإنما ينقل عنه بوساطة الرافعي، وقد تفطن في ((المطلب)) إلى الصواب فقال: وعن صاحب ((التلخيص)).
قوله: لو حضر جل مغنما، فأعطاه الإمام لحضوره شقصا من دار- فهل تثبت فيه الشفعة؟ نظر: إن أعطاه عن رضخٍ فلا، لأنه تبرع.
وإن أخذه بسهم مستحق ففيه وجهان. انتهى.
وما ذكره من كون الرضخ تبرعًا قد خالفه في باب قسم الفيء والغنيمة، فقال: المشهور: أنه واجب، لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يتركه قط، ولنا فيه أسوة حسنة. هذا كلامه، ونقل الرافعي- أيضًا- أن الأكثرين عليه، فثبت مع ما وقع فيه من الاختلاف اندفاع ما ذكره من عدم الشفعة.
قوله: والشفعة على الفور في قول، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((الشفعة لمن واثبها))، أي: بادر.
وروي:((كنشطة العقال: إن قيدت ثبتت، وإن تركت فاللوم على من تركها)). انتهى.
النشطة: بنون مفتوحة، ثم شين معجمة ساكنة، وطاء مهملة.
قال ابن فارس وغيره: الأنشوطة تنحل إذا مد طرفاها، تقول: نشطت- بلا همز- إذا أردت العقد، فإن أردت الحل.
قلت: أنشطت- بالهمز- ومنه في خبر الرقيا:((كأنما أنشط من عقال)).
قوله: وفي ((ابن يونس)) حكاية وجه عن المراوزة: أن الشفعة لا تبطل بذلك، أي بقوله. بعني: ولم أقف عليه فيما وقفت عليه من كتبهم إلا على قولنا: إن الشفعة على التأبيد. انتهى.
وما اقتضاه كلامه من إنكار هذا الوجه، تفريعًا على الفور- غريب، فقد صرح به الإمام في ((النهاية)) نقلًا عن رواية صاحب ((التقريب))، وحكاه المصنف عنه في ((المطلب))، وعلله بأنه قد يقصد أخذه رخيصًا، وأيضًا: فقد يقصد بذلك تطييب نفسه