واعلم أن الرافعي حكى ذلك وجهًا ضعيفًا في أخذ الموكل نصيب الوكيل ولم يتعرض لأخذ الوكيل نصيب الموكل فاعلم ذلك.
قوله: والحيلة في إبطال الشفعة بالجوار مباحة قبل العقد، وبعده.
قال البندنيجي: لأنها حيلة في إبطال ما ليس بواجب.
وأما الحيلة في إبطال الشفعة بالمشاركة فينظر فيها، فإن كان بعد وجوبها فلا يحل ذلك، لأنه حق قد وجب، فلا يجوز السعي فلا إسقاطه، وأما قبل وجوبها كما إذا فعل شيئًا يزهد الشفيع فيها.
قال أبو العباس: يكره ذلك، فإذا فعل صح.
وقال أبو بكر الصيرفي في كتاب ((الحيل)): هو مباح كما حكاه عنه البندنيجي.
وفي كلام الدبيلي في ((أدب القضاء)) له ما يدل على المنع، فإنه قال: ((إذا أراد أحد الشريكين في عقار أن يبيع نصيبه من غير شريكه، فلقنه إنسان أن يهب بعض نصيبه من المشتري ويبيع الباقي منه، فإن هذا التلقين لا يجوز، لأن فيه إسقاط حق الشفيع، والمشهور الأول.
وقد ذكر الأصحاب في ذلك صورًا.
منها: أن يبيع الشقص الذي قيمته مائة بمائتين، ثم يأخذ عرضًا قيمته مائة عن المائتين.
ومنها: أن يشتري الشقص بمائة وهو يساوي خمسين، ثم يحط عن المشتري بعد المجلس خمسين.
وفي هاتين الصورتين تغرير على المشتري.
ومنها: أن يشتري عرضًا من المشتري بمائتين وهو يساوي مائة، ثم يعطيه عن المائتين الشقص، وهو يساوي مائة إلى آخر ما ذكر.
وهو صريح في أن الخلاف المذكور في كراهة ذلك، لا فرق بين أن يكون مسقطًا للشفعة، أو مزهدًا فيها، وأن الدبيلي قائل بعدم الجواز مطلقًا، وليس كذلك، بل هو أعني أبا الحسين بن أحمد الدبيلي جازم بالجواز مع الكراهة فيما لا يمنع الأخذ، بل يزهد فيه كالتحيل في زيادة الثمر ونحوه وبالتحريم فيما يمنعه بالكلية، سواء كان مانعًا لأخذ الجميع، أو لأخذ البعض كما مثل المصنف، كذا رأيته في كتابه الذي نقل عنه المصنف وهو أدب القضاء المسمى ((منهاج القضاء))، وهذه المسألة مذكورة في أواخره، وابن الرفعة إنما صور المسألة التي حكى فيها هذه الأوجه فيما