ثم قال ما نصه: وهل يجب عليه أن يعرفها، فعلى قولين:
أحدهما: لا لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بتعريف الحيوان ولم يأمر بتعريف القيمة والثمن.
والثاني وهو الأصح: عليه أن يعرفها سنة في بعض البلدان التي تقرب من ذلك الموضع، هذا لفظه بحروفه فأشار بقوله بتعريف القيمة إلى حالة الأكل، وبقوله: والثمن إلى حالة البيع، ولم يذكر غير ذلك ثم ذكر أيضًا نحو ذلك فيما إذا وجدها في البلد، فإنه حكى الخلاف في أنه: هل يأكل أم لا؟
ثم قال: فإن قلنا: جاز له أكلها هل يجب عليه أن يعرفها؟ فعلى ما ذكرناه من الوجهين، هذا لفظه، ومقتضاه الوجوب أيضًا.
قوله: وإن كان ما وجده مما لا يمكن حفظه، كالهريسة، والخيار فهو مخير بين أن يأكل، وبين أن يبيع، فإن أكل عزل قيمته مدة التعريف، كما قاله الشيخ، ثم ظاهر كلامه يقتضي: أنه الذي يعزل القيمة، وإذا عزلها صارت ملكًا لصاحب اللقطة، كا صرح به القاضيان أبو الطيب والحسين وغيرهما.
وفي الرافعي: أنه يرفع الأمر إلى الحاكم ليقبض عن صاحب المال. انتهى كلامه. وكلامه يوهم إيهامًا كبيرًا أن القاضيين قد صرحا بأنه الذي يعزل وليس كذلك، فقد راجعت كلاهما معًا فلم أجد فيهما إلا مثل عبارة الشيخ، فينبغي أن يجعل التصريح راجعًا إلى صيرورته ملكًا وما يترتب عليه.
قوله: فإن قلنا: يرفع إلى القاضي ليقبض عن صاحب المال، فلم يجد حاكمًا، فهل للملتقط بسلطان الالتقاط أن ينيب عنه؟ فيه احتمال للإمام. انتهى كلامه.
وتقييد هذا الاحتمال بحالة عدم الحاكم قلد فيه الرافعي وليس كذلك، فقد صرح الإمام بأن الاحتمال يجري مع وجود الحاكم وغيبته.
قوله: وإذا أقر القيمة، قال الغزالي: فلا تصير ملكًا لصاحب اللقطة، لكنه هو أولى بتملكها ويقدم بها عند إفلاس الملتقط، وفي ذلك نظر، لأنه لو كان كذلك لما سقط حقه بهلاك القيمة المفروزة وقد نص على السقوط، وعلى أنه إذا مضت مدة التعريف كان له أن يملك تلك القيمة، وهذا يقتضي صيرورتها ملكًا لصاحب اللقطة. انتهى كلامه.
وما نقله عن الغزالي من جواز تملكه للقيمة بعد التعريف غلط أوقعه فيه كلام الرافعي، كما أوضحته في المهمات.
وعبارته في الوسيط: فالأظهر: أنه لا يرتفع الحجر بل يحفظه أبدًا لمالكه، لأنه بدل