وأما التهذيب، والشامل فإن فيهما الجزم بالصحة، فأما البغوي فقال: ولو قال: زوجتك فاطمة ولم يقل ابنتي، وله ابنة واحدة، لم يصح، لأنه لم يميز ابنته من غيرها.
فإن نوها جاز، ولو قال: زوجتك ابنتي فاطمة، وله بنت واحدة اسمها عائشة، يصح، لأن قوله ابنتي صفة لازمة لا تتعدى، فاعتباره أولى من اعتبار الاسم الذي يتعدى.
وقيل: لا يصح، والأول أصح، كما لو أشار إليها فقال: زوجتك هذه فاطمة، وكان اسمها عائشة صح، لأن الإشارة ألزم، فالخطأ في الاسم لا يضر. هذا كلامه.
والمسألة التي ذكرها آخرًا هي مسألتنا، وقد ظهر لك أن البغوي جزم فيها بالصحة على عكس ما قاله المصنف.
وذكر في الشامل أيضًا نحوه، وكأنه غلط، فأجاب بالحكم الذي ذكره البغوي أولًا، وقد ذكر مثله في الشامل.
قوله: وإن كان الكلام، أي الفاصل بين الإيجاب والقبول يسيرًا أجنبيًا عن العقد، فهل يمنع ذلك صحة العقد؟ فيه وجهان منقولان في النهاية عند الكلام في الخطبة.
وقال الرافعي عند الكلام في الاستثناء في الطلاق: إن الأصح أنه لا يقطع الاتصال. انتهى كلامه.
وهذا النقل عن الرافعي سهو، فإنه لم يصحح هناك شيئًا منهما، وإنما نقل التصحيح عن الإمام، بل قد حكى الرافعي الوجهين في هذا الباب في الكلام على الخطبة، وهو قبيل الكلام على أركان النكاح، وصحح منهما عدم الصحة.
قوله: ولو قال: أنكحتك، فقال: رضيت نكاحها، حكى الوزير ابن هبيرة أنه يصح، ولم أره لغيره. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أن كلامه يشعر بأن الوزير المذكور الشافعي، وليس كذلك، بل هو حنبلي المذهب، واسمه يحيي، ويلقب بعون الدين، صنف كتبًا كثيرة في علوم متعددة، وغالبها فيما يتعلق بالحديث، ومنها: تصنيف مشهور قريب من حجم التنبيه فيما اتفقت عليه الأئمة الأربعة، وهو الكتاب الذي نقل المصنف منه هذه المسألة. ولد- رحمه الله- بقرية من قرى بغداد، وتوفي ببغداد فجأة سنة ستين وخمسمائة. عن أربعة وستين سنة، وأقام في الوزارة نحو سبع عشرة سنة، ذكره ابن خلكان في تاريخه.